بعد 11سنة هل اصبح من الممكن ان تهب رياح التغيير على مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعدما تلقّت الهيئات الأكثر تمثيلاً لأصحاب العمل والعمّال (المحدّدة بالمرسوم 2390)، دعوة من وزير العمل محمد كبارة لتسمية مندوبيها إلى مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ؟ جاء في الدعوة أن مجلس إدارة الصندوق "لم يعيّن أعضاءه منذ فترة طويلة"، وأن شغور بعض المقاعد "أثّر سلباً على عمل مجلس الإدارة وبالتالي على سير أعمال الصندوق".

وحدّد كبارة المهلة القصوى لتسمية المندوبين في الأول من شباط 2018. علماً أن تسمية هؤلاء تسبق في العادة تعيينهم في المجلس بموجب مرسوم يصدر عن ​مجلس الوزراء​.

واذ دعوة  كبّارة جاءت استناداً الى  المرسوم 2390 وهي تنص على تسمية 26 عضواً لمجلس الإدارة، بحسب المادة الثانية من قانون الضمان التي تحدّد توزّعهم بين ستة أعضاء يمثّلون الدولة، وعشرة يمثلون الهيئات الأكثر تمثيلاً من أصحاب العمل، وعشرة آخرين يمثّلون الهيئات الأكثر تمثيلاً من العمال تناقلت المعلومات  عن  تفاهم بين الرؤساء على ضرورة خفض عدد أعضاء مجلس إدارة الضمان وزيادة انتاجية المجلس وتفعيل عمل الصندوق. واذ هناك شبه اتفاق داخل الهيئات الممثلة لارباب العمل على الاسماء التي ستمثلها في مجلس ادارة الصندوق فان الامر اكثر تعقيدا بالنسبة للاتحاد العمالي الذي تعذر عليه انتخاب ممثليه لاسباب سياسية .

الا انه اذا سارت الامور على ما يرام ونجحت التسويات السياسية ، فانه ستدخل الى مجلس ادارة الضمان وجوه جديدة فيما  يبقى  البعض الآخر او يعاد انتخابه كما هو الحال في معظم النقابات.

في قراءة سريعة  لوضع هذا المرفق الذي ساد الاعتقاد حوله بانه يجب ان يكون صمام ​الامان​  للمجتمع ال​لبنان​ي  يبدو محكوماً  بالسياسات  والمحسوبيات المتبعة  في ​الدولة اللبنانية​، حيث ان كل طرف وصاحب نفوذ يفرض من يمثله ضارباً بعرض الحائط  المصلحة الوطنية  والهدف الاجتماعي  الذي انشئ لاجله الصندوق منذ العام 1963.

في الواقع ان بعض من تولى المسؤولية في مجلس ادارة الضمان اتى الى مركزه بعقلية التغيير والتصحيح ، ورسم السياسات الهادفة الى تعميم الآمان الاجتماعي والصحي المفترض ان يكون عليه ​الضمان الاجتماعي​. الا ان "العين بصيرة واليد قصيرة" وفق ما يقوله المثل. ولم تفلح النوايا الطيبة  في ​إنقاذ​  هذا المرفق الذي يستفيد منه زهاء مليون و500 الف لبناني ، علماً انه من المفترض  ان تشمل تغطيته  اللبنانيين كافة.

والبعض من المسؤولين  في ادارة الضمان  امتعض من الوضع الشاذ الذي يجيّر المرفق  لخدمات السياسيين والمحسوبين عليهم ، والبعض الاخر ساير الوضع  ومضى في القطار  على وتيرة "مُكره اخاك لا بطل" ، فيما ان ثمة من قدم استقالته ورفض الجلوس  داخل المجلس كشاهد زور ، لا يؤخذ برأيه ولا يُحسب له حساب .

المهم  ان 11سنة من ولاية المجلس الحالي لم تكن ناجحة بكاملها  ، في ظل التناقض   داخل المجلس ، وبالتالي ،   في ​ضوء​ القرارات الادارية التي كانت تتخذ من خارجه.

نعم​ كان هناك بعض المخالفات القانونية التي كانت تصدر خارج موافقة المجلس كتعيين بعض المدراء  دون الرجوع الى رئيس المجلس .

كيف هو واقع الادارة في الضمان اليوم؟ ماذا يقول ​رئيس مجلس ادارة​ الصندوق الوطني للضمان الدكتور طوبي زخيا الذي حسم عدم عودته الى الصندوق ؟

زخيا

من المعلوم ان الدكتور زخيا اتى الى مجلس ادارة الصندوق في العام 2007 ، و  هو الاستاذ الاكاديمي الذي له عدة انجازات في الحقل الصحي التعليمي والجامعي والتنظيمي في لبنان و​فرنسا​.

يقول الدكتور زخيا "للاقتصاد" : "العقلية الموجودة داخل مجلس ادارة الضمان مختلفة بين كل الاعضاء . هناك تجاوزات  قانونية في ​آلية​  اتخاذ القرارات. ومن المعروف ان اعضاء ه يمثلون نقابات وهيئات مختلفة من اصحاب عمل وعمال و​مهن​ حرة، الا انني فوجئت اثناء الجلسات ان هؤلاء ينتقلون الى مثابة المندوب وليس الممثل. كما ان رؤساء النقابات  يتصرفون داخل المجلس كانهم رئيس مجلس ادارة الصندوق فيفرضون رأيهم في المجلس كما هو الحال داخل نقاباتهم دون الاخذ بعين الاعتبار ان هناك رئيس مجلس للصندوق هو صاحب قرار وهو الذي يتفرد في ادارة الجلسات. اي للاسف ،لا يوجد في مجلس ادارة الضمان الشخص المناسب للمكان المناسب ".

واستحضر زخيا ما يقوله الفيلسوف الفرنسي Paul Ricoeur   :

« Dans la decision il faut travailler sur le consencus de recoupement »

اي بما معناه : "عند اتخاذ القرار يجب العمل على ايجاد التوافق بين الآراء المتداخلة".

واعتبر زخيا انه كان بالامكان انجاز الكثير من من الامور في الضمان لولا  سمح لنا بايجاد التوافق ولولا هذه التجاوزات القانونية.

انتخاب ممثلي الهيئات اتفاق ام ؟

وفي غضون ذلك ، علم ان كل الجهات الممثلة في المجلس تستعد لتعيين ممثليها رغم بعض العقبات التي تعترض بعضها خصوصاً الاتحاد العمالي العام  والمهن الحرة. في حين ان ​جمعية الصناعيين​ توصلت الى اعادة تسمية غازي يحيا وهو ​نائب الرئيس​ اليوم الى جانب هاني ابو جودة.

ومن المعلوم ان المرسوم 2390 حدد الهيئات الاكثر تمثيلا في المجلس الا ان ثمة تغيرات اليوم من المفترض أخذها بعين الاعتبار خصوصاً اذا كان هناك اتفاق على تخفيف عدد الاعضاء.

والجدير ذكره ،  ان  أجهزة الصندوق  تتالف من مجلس إدارة ولجنة فنية وأمانة سر وتخضع أمانة السر لسلطة مدير عام.

لا يخضع الصندوق لمراقبة ​الخدمة المدنية​ ولا لمراقبة ​التفتيش المركزي​ ولا تسري عليه أحكام المرسوم الإشتراعي رقم 150 الصادر بتاريخ 12 حزيران سنة 1959.

يتألف مجلس الإدارة من المندوبين التالي بيانهم:

أ - ستة مندوبين يمثلون الدولة  يمكن اختيارهم من بين موظفي الإدارة والمؤسسات العامة أو من خارجها.

ب -عشرة مندوبين عن الهيئات المهنية الأكثر تمثيلاً لأرباب العمل المشار إليهم في المادة 9 الفقرة 1 من قانون انشاء الصندوق.

ج - عشرة مندوبين عن الهيئات المهنية الأكثر تمثيلاً للأجراء (عمالاً ومستخدمين) المشار إليهم في المادة 9 الفقرة 1 من القانون.

د - مندوبين عن هيئات الزراعيين الأكثر تمثيلاً لأرباب العمل والأجراء يحدد عددهم وطريقة اختيارهم بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل والشؤون الاجتماعية.

تحدد الهيئات المشار اليها في البندين ب و ج من الفقرة السابقة ويحدد مندوبي هذه الهيئات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل والشؤون الاجتماعية. على أن يراعى في ذلك أوسع تمثيل ممكن للقطاعات القائمة.

تختار الهيئات المذكورة مندوبيها بالانتخاب ويصادق على انتخابهم بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.

ويجوز للحكومة أن تطلب من أي من هذه الهيئات إبدال مندوبها المنتخب بمندوب آخر عندما ترى موجباً لذلك.

و يعين المندوبون لمدة أربع سنوات ويشترط في المندوب أن يكون لبنانياً ومن ذوي الخبرة في حقل عمله.

صلاحيات مجلس إدارة الصندوق

كما  ينتخب مجلس الإدارة الجديد في أول جلسته يعقدها هيئة مكتبه مؤلفة من رئيس ونائب رئيس وأميني سر وأربعة أعضاء على أن تمثل في هذا المكتب الدولة بمندوبين اثنين وكل من أرباب العمل والأجراء بثلاثة مندوبين.

تتخذ القرارات في المجلس وفي هيئة المكتب بالأكثرية المطلقة ويكون لكل مندوب صوت واحد إذا تعادلت الأصوات فيكون صوت الرئيس مرجحاً.

على هيئة المكتب ان تودع المجلس القرارات التي تتخذها في أول جلسة يعقدها.

تتناول صلاحيات مجلس إدارة الصندوق بصورة خاصة الأمور التالية:

1- الأعمال التي تستلزم مرسوماً يتخذ في مجلس الوزراء:

أ - تنظيم وتعيين اللجنة المالية المكلفة إجراء توظيفات أموال الصندوق ولاجال قصيرة أو متوسطة أو طويلة وفقاً لأحكام المادة 64 الفقرة 2 من قانون انشاء الصندوق.

ب - الترخيص للمدير العام باكتساب أو بيع الأموال غير المنقولة التي تتجاوز قيمتها المبلغ المحدد في النظام الداخلي، وذلك عندما تكون تلك الأموال مخصصة لعمل الصندوق الداخلي أو للمصالح الاجتماعية التي تكون تحت سلطته المباشرة.

2- الأعمال التي تستلزم مصادقة سلطة الوصاية:

أ - إقرار جميع أنظمة الصندوق الداخلية ونظام المستخدمين وسلسلة الرتب والرواتب لمختلف أجهزة الصندوق.

ب - إقرار ​الموازنة​ الإدارية للصندوق والموازنات الملحقة.

ج - البت بقطع حسابات الموازنة الإدارية والموازنات الملحقة وسائر حسابات الصندوق وإقرار ​الميزانية​  العمومية والتقارير والبيانات الإيضاحية المحددة في نظام الصندوق.

د - تحديد الأولويات في التوظيفات الاجتماعية.

هـ - تحديد أسس إنشاء المكاتب المحلية والإقليمية.

لمجلس الإدارة أن يطلب من مجلس الوزراء، حل كل خلاف قد ينشأ بينه وبين سلطة الوصاية اي وزارة العمل .

عندما كشف الوزير محمد كباره عن نيته في تعيين مجلس ادارة جديد للضمان دعا "المواطنين الى اعادة قراءة ​قانون الضمان​ الاجتماعي ليكونوا على دراية بالتعديلات التي ستطرأ على بنوده والتي لم تعدل منذ ​زمن​ بعيد، واكد ان الهدف دائما هو تأمين الحصانة الصحية والاجتماعية للمواطنين، والعمل دائما لتحقيق هذا الهدف، آملا التعاون  من أجل أن يكون العام 2018 هو "عام الأمان الاجتماعي والرعاية الصحية في لبنان".

ويبقى السؤال هل ستسمح السياسة بوصول مجلس  ادارة جديد للصندوق بذهنية جديدة للنهوض بالمرفق ام سيكون المجلس مفصّلا على قياس التيارات السياسية الحاكمة فيبقى الضمان في خبر كان؟