حمل هذا الأسبوع، أحداثاً دراماتيكية على مستوى المشهد المالي والاقتصادي، ساهمت في ازدياد المخاوف لدى اللبنانيين مماً هو قادم.

في طليعة أحداث هذا الأسبوع المثيرة، كان ما كشفه "تقرير مرصد الاقتصاد اللبناني"، الصادر عن "​البنك الدولي​" تحت عنوان: "لبنان يغرق". أهمية هذا التقرير، تكمن في الصراحة الزائدة التي برزت فيه، حول مخاطر ​الأزمة المالية​ والاقتصادية التي يعاني حقيقة منها لبنان، لا سيّما عندما قال وبأسلوب غير دبلوماسي لكنه صريح، "إن الأزمة اللبنانية تصنّف ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات على مستوى العالم، منذ منتصف القرن الـ 19".

ولم يكتفِ تقرير "البنك الدولي" بالتوصيف المخيف لأزمة لبنان المالية والاقتصادية، إنما توغّل وغاص في مخاطر هذه الأزمة لا سيّما أنه لا تلوح بالأفق أي نقطة تحوّل واضحة.

ولا ينسى التقرير الإضاءة على مسؤولية السلطات اللبنانية عن هذه الأزمة، عندما يقول" إن استجابة السلطات اللبنانية لهذه التحديات كانت غير كافية على صعيد السياسة العامة.." ولا يقف التقرير في مساءلة السلطات اللبنانية عند الحد السّابق، بل تعدّاه بأشواط طويلة، عندما قال: "غاب التوافق السياسي بشأن المبادرات الفعّالة، بينما حصل هذا التوافق حول نظام اقتصادي مفلس".

أما الحدث الدراماتيكي الآخر الذي تصدّر أحداث الأسبوع، فتمثّل "بالحرب المسبقة التي شنّتها حاكمية ​مصرف لبنان​ بالتضامن والتكافل مع ​المصارف​، على مجلس شورى الدولة، "الذي تجرّأ على المساس بقدسية تعاميم المركزي وبالمصارف، عندما طعن بقانونية التعميم 151، الذي سمح بموجبه للمصارف بالدفع لأصحاب الودائع الدولارية بالليرة وبسعر 3900 ليرة للدولار الواحد".

فور الكشف عن قرار ​مجلس الشورى​، وهو ليس أكثر من قرار إعدادي هدفه حماية أصحاب الودائع بالدولار، بمطالبة المصارف إعطاء ال​سحوبات​ بالعملة ذاتها حتى، أعلن مصرف لبنان إلغاء العمل بالتعميم 151، وتُرجم هذا الإعلان سريعاً من قبل المصارف وبعض الإعلام، بتسريب أخبار فحواها أنه وتبعاً لقرار مجلس الشورى بإلغاء تعميم مصرف لبنان، فإن المصارف ستلتزم قرار المجلس، وستعود إلى دفع سحوبات ودائع الدولار على السعر الرسمي 1505 ليرات للدولار الواحد.

موقف المركزي والمصارف، غطّى على الهدف الأساس لقرار مجلس الشورى، وهو إلزام المصرف الدفع بعملة الوديعة بالدولار أو خلافه، وحوّل الأمر إلى مصلحته، بخوضه حرباً "إفتراضية" لمصلحة المودع، الذي جاء قرار مجلس شورى الدولة ليحرمة من مكسب الـ 3900 ليرة، وليعيده الى السعر الرسمي 1505 ليرات للدولار الواحد.

عدا الملفين البارزين على مستوى أحداث هذا الأسبوع قرار مجلس الشورى وتقرير "البنك الدولي"، كانت الأحداث الأخرى روتينية ومنسجمة مع الوضع السياسي المأزوم و​الوضع الاقتصادي​ المتعثّر.

وفي هذا السياق، جاء في قمة الأحداث، القرار الذي أعلن عنه رئيس شركة "طيران الشرق الأوسط" ​محمد الحوت​، المتعلق ببيع تذاكر السفر حصراً بالدولار، وذلك لتأمين استمرارية عمل الشركة كما قال الحوت، والحد من خسائرها، خصوصاً بعد تفشي جائحة "كورونا" وارتفاع سعر صرف الدولار.

وفي نهاية الأسبوع، دخل ملف جديد أساسي تمثل بالقرار الذي صدر عن المجلس المركزي لمصرف لبنان، قضى بدفع مبلغ 400 دولار بالورقة الخضراء، ومثلها بالليرة على سعر منصة مصرف لبنان شهرياً لأصحاب الودائع الدولارية، وطلب القرار من المصارف، مباشرة العمل به بالتعاون مع مصرف لبنان اعتبارا من شهر تموز المقبل.

المصارف التي كانت استبقت القرار قبل صدوره بحجة عدم امتلاكها ​دولارات​، عادت وأبدت ليونة، وأعلنت استعدادها لمناقشة تفاصيل القرار والتعاون مع مصرف لبنان.

أخيراً، لابدّ من التذكير بأزمات الناس المستدامة منذ أكثر من سنة، والتي شهد بعضها هذا الأسبوع وتيرة تصاعدية ومخاوف لدى اللبنانيين، مثال الحديث عن إمكانية رفع الدعم، واستفحال أزمة ​الكهرباء​ وأزمة ​البنزين​، إضافة الى استمرار ارتفاع الأسعار.