لم تعد جديدة العناوين والأخبار التي تتحدث عن ​القطاع السياحي​ والخسائر الضخمة التي تكبدها جراء ​الوضع الاقتصادي​ الذي عصف ب​لبنان​ منذ انطلاق "ثورة 17 تشرين" عام 2019، وبدء تفشي وباء "كورونا"، ومن ثم الضربة القاضية في الرابع من آب عام 2020 عندما هز انفجار ​مرفأ بيروت​ البلد المأزوم أصلاً.

ولا يخفى على أحد، أن الوضع السياسي وعدم تشكيل حكومة يزيد من سوء الوضع الاقتصادي، ويغيب حلول الحد من تدهور القطاع السياحي.

ومع ازدياد ظاهرة الهجرة للمتخصصين في ​السياحة​ بعد انهيار سعر الصرف مقابل الدولار، وتدني قيمة الرواتب إلى مستويات غير مسبوقة، وكذلك بدء موسم العطل الصيفية في ظل وضع معيشي خانق، كان لـ "الاقتصاد" مقابلة مع أمين عام أصحاب المؤسسات السياحية في لبنان ​جان بيروتي​، الذي أكد على الحالة المزرية التي وصلت إليها ​الفنادق​ اليوم، شارحاً أنّ نسب ال​حجوزات​ معدومة لا تتخطّى الـ 2%، في حين كانت تبلغ 80% في مثل هذه الفترة في الأعوام الماضية، وعزا السبب إلى غياب السيّاح من مختلف الجنسيات وخاصة العربية والخليجية منها، التي كانت تقصد لبنان للاصطياف والسياحة والاستجمام، إضافة الى تراجع سوق الأعمال الحرّة والتجارة جرّاء الحالة الاقتصادية المتردّية، الأمر الذي صوّب وجهة ​المستثمرين الأجانب​ الى بلدان أخرى، فتأثّرت حجوزات الفنادق أيضاً بغيابهم.

ولفت إلى أن "المؤسسات السياحية فقدت الكثير من الموظفين من ذوي الخبرة، وتواصل فقدان العائدات المالية، إذ تشتري موادها وفق سعر صرف يبلغ 12 ألف ليرة للدولار، وتبيع بسعر 6 آلاف ليرة تقريباً."

وشدد بيروتي، على "ضرورة إسراع المعنيين بإصدار قرار حكومي يلزم الفنادق اللبنانية بتقاضي التعرفة بالعملات الأجنبية للأجانب الذين يأتون إلى لبنان، أما بالنسبة للأجانب المقيمين على الأراضي اللبنانية، فالتعرفة ستبقى بالليرة اللبنانية."

وتابع:" قطاع الفنادق، هو الأكثر تضرراً في ظل هذه الأزمة التي نعاني منها، فالشقق المفروشة والشاليهات كلها محجوزة، وبالتالي لا خسائر تطالها كما تطال الفنادق."

وتسببت الأزمة السياسية القائمة في لبنان، بزعزعة عامل الاستقرار الجاذب للسياح، ما حرم البلاد من حركة وافدين وزوار من أجانب ومغتربين لبنانيين في الخارج إلى مستويات قياسية، وأنتجت في المقابل، حركة سياحية داخلية، حيث يخرج المواطنون من العاصمة في نهاية الأسبوع إلى المناطق الأخرى في الشمال والجنوب والبقاع، حيث يرتادون ​المنتجعات​ السياحية، ما أفضى إلى انتعاش في الحركة السياحية في الأطراف، وتقلصها في العاصمة.

وعن انتعاش النشاط السياحي الداخلي بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون، إذ لم يعد باستطاعتهم السفر إلى الخارج لقضاء عطلتهم الصيفية، قال بيروتي:" تكاد شوارع بيروت تخلو من روادها في نهاية الأسبوع. لا حركة سياحية فيها، ولا زوار من خارج المدينة، في أسوأ مؤشر على الحركة السياحية، في مقابل انتعاش مناطق بعيدة. إذ يخرج المواطنون من العاصمة بيروت في نهاية الأسبوع إلى المناطق الأخرى في الشمال والجنوب والبقاع، حيث يرتادون المنتجعات السياحية، ما أفضى إلى انتعاش في الحركة السياحية في الأطراف، وتقلصها في العاصمة، وهذه الحركة باتجاه الأطراف طبيعية لأننا تحولنا من بلد جاذب للسياح من الخارج، إلى بلد يركز على السياحة الداخلية".

وتابع: "السياحة الداخلية كانت تمثل 15% فقط من حجم القطاع السياحي في لبنان قبل الأزمة السياسية والاقتصادية الأخيرة، لكن النسبة انقلبت الآن، حيث باتت السياحة الداخلية تستحوذ على 90% من إجمالي الحركة السياحية، بينما لا تتخطى نسبة الزوار الأجانب أكثر من 10% في هذا الوقت".

ورأى بيروتي أن "المؤسسات السياحية يمكنها الوقوف مجدداً واستقبال الناس، لكن الأزمة السياسية المفتعلة تعيق ذلك، فيما تتكفّل أزمة كورونا بإعاقة حركة القطاع القرارات الغير مدروسة من قبل المعنيين باتخاذ قرار اغلاق المطاعم والأماكن السياحية في الأعياد والمناسبات."

وعن إعادة فتح الملاهي والحانات اللّيلية، واستمرار إقفالها بسبب جائحة "كورونا"، قال بيروتي: "الحانات والملاهي اللّيلية لا تزال مغلقة لأنها مقفلة لذلك تُبقي لجنة المتابعة أبواب الملاهي مُقفلة ولو أنّها من أكثر القطاعات التي خضعت لفترة إقفال طويلة الأمر الّذي أثّر سلبياً على مردودها المادّي، لكن سنقوم بإجراءات جديدة لإعادة فتحها بالتنسيق مع المعنيين، أما المطاعم المغلقة تفتح حتى الساعة التاسعة والنصف ليلاً فيما الأماكن المفتوحة يحق لها حتى منتصف الليل مع تطبيق إجراءات السلامة."

وشدّد بيروتي على أن "جميع المؤسسات السياحية تلتزم بالتدابير والاجراءات الوقائية التي أوصت بها لجنة كورونا، ويمكنني القول أن القطاع السياحي أكثر أمانًا من المستشفيات، وبالتالي تحميلنا مسؤولية الارتفاع في عدد الإصابات بالفيروس هو اتهام مردود على أصحابه، وخصوصاً أن الأعداد آيلة في الانخفاض، لذلك لم يعد مقبول تحميل هذا القطاع خسائر اضافية."

وختم بيروتي بتجديد دعوته إلى الجهات المعنية في الدولة إلى إقفال أي مؤسسة لا تلتزم بالاجراءات.