تكابد المطاعم في ​لبنان​، بسبب تداعيات ​الأزمة الاقتصادية​ غير المسبوقة، والتدابير التي تفرضها السلطات في سبيل مكافحة انتشار وباء "كورونا"، الذي ألحق أضراراً بغالبية المصالح والقطاعات في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك القيود المتشددة على حركة ​السياحة​ والسفر والتنقل.

نشاط المطاعم، تضرر كثيراً من القيود التي فرضتها الحكومة، وفي صدارتها الحظر اليومي والأسبوعي، بما يشمل منع جلوس الزبائن داخل المطاعم، التي حُصر عملها فقط بتوصيل الطلبات وشراء الوجبات من المطاعم.

وفي مقابل الخسائر التي تتكبدها هذه المؤسسات، غابت الدّولة وإجراءاتها، ولم تُمنح تعويضات مالية للمطاعم والمقاهي لتمكينها من الصمود وتلافي صرف جزء من العاملين لديها.

ويصف نائب نقيب أصحاب المطاعم ​خالد نزهة​ في مقابلة مع "الاقتصاد"، واقع القطاع الحالي بالمأساوي، بعد صرف أكثر من 100 ألف عامل فيه، وإغلاق أكثر من نصف المطاعم خلال فترة عام ونصف فقط.

ويقول: "إن الواقع الحالي يرتبط بما نشهده من ارتفاع الدّولار، وما تشهده الأسعار من زيادات والعوامل السلبية الأخرى التي تواجه قطاع المطاعم، أي زبون من الخارج يزور لبنان حالياً، سيراه أنه من أرخص بلدان العالم، بينما اللبناني يرى بمنظار معاكس، بفعل تدني القدرة الشرائية، وتهاوي العملة الوطنية، والعوامل السلبية الاقتصادية والاجتماعية والعامل النفسي، إذ إن همَّ اللبناني الأساسي اليوم، ينحصر في تأمين لقمة العيش، وتأمين الطبابة والأساسيات".

وأضاف: "موضوع الأسعار يرتبط بتغيرات سعر صرف العملة، وارتفاع التكاليف، ومنها ​المحروقات​ اللازمة لتشغيل المولدات، وارتباط كل المدفوعات بدولار السوق السوداء.. في السابق كان صحن الحمّص في المطاعم المرموقة يُسعر بـ 7,500 ليرة، أي 5 دولارات على سعر صرف 1500 ليرة، بينما الآن لا يمكن أن يزيد سعره عن 20 ألف ليرة، وهو ما يُرتِّب خسارة أيضاً ستتكبدها المطاعم؛ الأزمة تعود إلى أننا نستورد 80% مما نستهلكه، في ضوء الاقتصاد المبني على الريع وليس على الإنتاج، حيث لم تُدعم الصناعة أو الزراعة على مدى السنوات الـ 30 الماضية، كما لم يتم دعم السياحة أيضاً، إنما استطاع ​القطاع الخاص​ بجهدٍ ذاتي، تحقيق نموٍ، وتصدرت المطاعم الوجهات السياحية الأكثر إقبالاً في لبنان، وكانت تُشغِّل 160 ألف موظّف، ما عدا الموسميين.. واستطاع قطاع المطاعم خلال فترة نموّه، أن يسجّل ​علامات تجارية​، ووصلت فروعه إلى دول عربية وأجنبية مجاورة وبعيدة أيضاً."

وأشار نزهة، إلى أن المطاعم أقفلت أبوابها في عيد الفطر يومين، بعد إغلاقات مشابهة لثلاثة أيام في عيدي الفصح بالتقويمين الغربي والشرقي، وقال إن محاولات جرت مع رئيس الحكومة لاختصار ثلاثة أيام ​العيد​، وقد نجحت في تقصير مدة الإقفال خلال عيد الفطر إلى يومين، كون المطاعم تشهد تدابير وإجراءات مشددة فيما يخص مكافحة "كورونا"، من تباعد وعد اكتظاظ والالتزام بالحد الأقصى داخل المطاعم، ما يؤمن ضمانة بعدم حدوث إصابات.

وأكد أن القطاع سيفتح أبوابه بعد يومي الإغلاق الخميس والجمعة، حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في الصالات الخارجية للمطاعم، على أن تستمر المطاعم في القاعات المغلقة بالفتح حتى الساعة 9:30 مساءً.

وكشف نزهة، عن خسائر القطاع خلال فترة السنة ونصف السنة الماضية، وتمثلت بتسريح ​110​ آلاف موظّف، وقال: "شهدنا خلال 2020 إغلاق أكثر من نصف مطاعم لبنان.. ومنذ بداية العام الحالي، تسبب توالي الإغلاقات لمواجهة وباء "كورونا" خلال الأشهر الأربعة الماضية، في إغلاق عدد إضافي كبير من المطاعم".

وختم نائب نقيب أصحاب المطاعم قائلاً: "نأمل مع انتهاء العام 2021 الحالي، أن تواصل 15% من المطاعم أنشطتها، في ضوء الصعوبات المتزايدة، وغياب البنى التحتية والخدمات، وفقدان وسائل النقل العام التي تُنشِّط السياحة الداخلية، فيما تغيب ​الكهرباء​ و​المياه​ ويتزايد انقطاعها، ما يضع القطاع في موقع يصعب استمرار أنشطته، في ضوء غياب الاستقرار الأمني والسياسي والمالي والنقدي."