نجح حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة في بداية هذا الأسبوع باستقطاب الأنظار، وهذه المرة من بوابة المودعين، بعد أن "دغدغ" عواطفهم بخصوص مصير ودائعهم، من خلال مبادرة أطلقها أمس الإثنين.

مبادرة سلامة التي أثارت مواقف متباينة إن من حيث جدِّيتها، أو من حيث توفر آليات نجاحها، تَعدُ بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019، وكما أصبحت في 31 اذار 2021 وذلك ب​العملات​ كافة.

وللإيضاح أكثر، والإحاطة بموضوعية بكل تفاصيل مبادرة سلامة، وجدّيتها، وإمكانات تنفيذها... كان لـ "الاقتصاد" سريعة مع الخبير المالي والمصرفي والاقتصادي ​إيلي يشوعي​، الذي قال: "طبعا هناك العديد من الملاحظات، ومن الأسئلة التي يمكن طرحها بخصوص المبادرة، ومن أبرز تلك الملاحظات، وعلى سبيل الحصر، خُلو المبادرة من الآلية الواضحة بخصوص تمويل المبادرة. ​المصارف​ من أين ستأتي بالتمويل، هل من النسبة التي أضافتها إلى رساميلها؟ أم من نسبة الـ 3% التي أمّنتها كما يقول مصرف لبنان لزيادة سيولتها المالية لدى المصارف المراسلة؟"

وبحسب تقدير يشوعي، فإنه يصعب على المصارف مشاركتها بالمبادرة من خلال اقتطاع الدولارات إما من نسبة زيادة رساميلها لأن ذلك إن تم، فقد جاء مقابل إعادة تقييم أصول عقارية وليس عبر ضخ سيولة نقدية، وإما من نسبة الـ 3% التي زادتها المصارف على سيولتها لدى المصارف المراسلة، وهنا استصعب أن تقدم المصارف على استعمال نسبة من هذه الزيادة في عملية تمويل المبادرة.

ويتابع يشوعي: "يبقى عاتق تمويل المبادرة على مصرف لبنان الذي لم يعد لديه سوى ما تبقى من ودائع الناس (16 مليار دولار)، كما يقول ​حاكم البنك المركزي​ فهل يقدم على استعمل قسم من هذا المال من أجل تمويل المبادرة التي أطلقها؟ هذا السؤال هو برسم الحاكم".

ويضيف: "أرى أن مبادرة المركزي جاءت متاخرة، وبعد "خراب ​البصرة​"، إذ كان على الحاكم أن يقدم على مثل هذه المبادرة التي تلحظ عملية تسديد تدريجي لأموال المودعين قبل التصرف بما كان قد تبقى من احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة، عوضاً عن إهدار أكثر من 7 مليارات دولار على الدعم الذي لم يستفد منه إلا ​التجار​ والمهربين، وهذا الدعم الذي سمي خطأً بهذا الاسم، هو في حقيقته "وضع يد على أموال الناس"، وهو أوَّلاً وأخيراً من مسؤولية الدولة وليس من مسؤولية مصرف لبنان، وانا كنت من أول المطالبين بتخصيص المال الذي تم هدره للمودعين، ولو تم ذلك في حينه، لُكنَّا الآن في وضع أفضل بكثير، إن لناحية ​سعر الدولار​ أم لناحية المستوى المعيشي للناس".

وختم يشوعي بالقول: "أنا مع مبدأ ودائع الناس للناس، أي لأصحابها، وبذلك تتأمن العدالة المجتمعية، أما أن نطرح خططاً وبرامج شعبوية غير قابلة للتنفيذ، ولا تحقق أدنى مبادئ العدالة فقط من أجل "تبييض" صورة شخص ما أم مجموعة ما، فهذا عمل دعائي ليس أكثر."