في وقت يعاني فيه ​لبنان​ منذ أكثر من سنة أسوأ أزمة اقتصادية بعد نهاية الحرب اللبنانية، بالإضافة إلى تداعيات جائحة "كورونا" الاقتصادية والانفجار الكارثي الذي ضرب مرفأ بيروت في الـ 4 من آب السنة الماضية، أتت شحنات الرمان المهربة إلى ​السعودية​ والممتلئة بحبوب مخدرة كضربة قاضية على ما تبقى من سمعة التاجر اللبناني في ​الدول العربية​ والعالمية.

ومن المؤكد أن قضية الرمان المفخخ ستبقى في ​صلب​ متابعة المعنيين، خصوصاً بعد الاجتماعات المكثفة سواء أكانت في قصر بعبدا أو غيرها.

الجديد في هذه الأزمة أن السعودية سمحت للشحنات العالقة على حدودها بالدخول وتصريف بضائعها، بحسب ما أكد رئيس تجمع المزارعين و​الفلاحين​ بلبنان إبراهيم ترشيشي في مقابلة خاصة مع "الاقتصاد".

وقال ترشيشي:" ​السيارات​ العالقة على الحدود تم تمريرها ونتمنى أن يكون هذا القرار بادرة خير بإعادة السماح لنا بالتصدير إلى ​المملكة العربية السعودية​ وأن لا نأخذ عقوبة جماعية بسبب المشكلة التي حصلت والتي لا علاقة لنا بها لا من ​قريب​ ولا من بعيد."

وتابع: "هناك ​شاحنات​ عالقة على الحدود وتتم إعادة بعض منها إلى لبنان، كما أن هناك شاحنات ستنتظر إلى الأسبوع المقبل علّه يصدر قراراً جديداً. أما بالنسبة للبواخر العالقة في البحر فهي تنتظر مصيرها، وقد تعود إلى لبنان وتوزع في السوق المحلي."

وأضاف ترشيشي:" تستورد السعودية من لبنان سنوياً أكثر من 50 ألف طن من المحاصيل الزراعية، والحقيقة أنه بعيداً عن السياسية والأحزاب وبعيداً عن الأصوات التي تستهزء بالقرار السعودية إلا أن التاجر والمزارع اللبناني لا بديل له عن ​السوق السعودي​ تحديداً، لذلك لن نقوم بالبحث عن أسواق بديلة."

وعن الخسائر التي سيتكبدها لبنان بعد هذا القرار، قال ترشيشي:" الخسائر معنوية ومادية، فقد تم تلطيخ اسم لبنان وتلبيسنا هذه الدعاية غير المحقة، هذا مزعج كثيراً ولا يثمن بمليارات الدولارات، تلطيخ سمعة واسم ​التجار​ اللبنانيين في ​الأسواق العالمية​. أما من الناحية المادية فالخسارة كبيرة جداً، بدءاً من أول الشهر المقبل نقوم عادة بتصدير 300 طن من البضائع لتصل إلى 500 طن يومياً في أول شهر حزيران، وهذا فقدانه بعد الأزمة التي حصلت. وبالطبع هناك عقود وبضائع لها زبائنها هناك في السوق السعودي ولكن الخسائر تقع على عاتق المزارع اللبناني وحده. ولأننا سنخسر 25% من قيمة التصدير، وهذه الـ 25% ستؤدي إلى كساد في الأسواق، هذا أمر يؤثر على الزراعة في لبنان من الآن وحتى 20 سنة إلى الأمام."

وتابع:" في الأول من أيار عادة ما يتوقف إستيراد البضائع الزراعية بسبب وفرة إنتاجها في لبنان ومع هذا القرار سيغرق السوق بالبضائع اللبنانية في موسمها ما سيؤدي إلى انخفاض أسعارها بشكل كبير وستتدنى إلى حيث لا يحمد عقباه، الآن بدأت الأسعار تنخفض كيف إذاً حين يصبح هناك عرض دون طلب."

كما أكد ترشيشي عن موضوع المخدرات في الرمان انّ "هذه الشركة المصدرة هي المرة الأولى التي تتعاطى بتجارة لفواكه والخضار، وأنّ أوراقها و​شهادات​ منشئها كلها اتضحت انها مزورة، وهي ليست من بين الشركات التي اعتادت الاستيراد والتصدير الى الخليج العربي عبر الخمسين سنة الماضية، وهي شركات متعارف عليها لم تخطئ يوماً ولا تخطئ، بينما هي الآن تتحمل مسؤولية هذه الشركة الوهمية الجديدة التي قامت بعملية التهريب هذه بأوراق مزوّرة.

نحن نستورد الرمان ولا نصدره. استوردوا الرمان وأعادوا تصديره. ما هي هذه الشركات التي لا رصيد لها في البنك ولا سجل تجاري. نرجو التحقق من شهادة المنشأ فقد تبين للجميع أن الرمان ليس لبنانياً."

وفيما أعربت دول عربية عدة لقرار السعودية حظر دخول الخضار و​الفواكه​ إليها، وتخوف لبنان من اتخاذ بقية الدول قرارات كالسعودية، أكد ترشيشي أنه "حتى الآن كل الدول العربية لم تتخذ أي قرار بوقف الاستيراد من لبنان ولكن أصبحت المنتجات اللبنانية تحت أعين الرقابة الدقيقة من قبل وزارة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات المراقبة المعنية."

وختم رئيس تجمع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي ننتظر خبراً من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي بعد الاتصالات التي أجراها مع السعودية لمحاولة إعادة الأمور إلى نصابها، محذراً من الإطالة بايجاد حل لهذه الأزمة ومن "الأضرار الكبيرة التي ستلحق بالقطاع بكامله".