عقد صباح اليوم لقاء، برعاية وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله وحضوره، بين الاتحاد العمالي العام برئاسة ​بشارة الأسمر​ وحضور أعضاء من هيئة المكتب و​جمعية الصناعيين​ برئاسة النائب الأول لرئيس جمعية الصناعيين ​زياد بكداش​ وأعضاء مجلس إدارة الجمعية، وفي حضور رؤساء اتحادات ونقابات صناعيين وعمال.

واستهل الاجتماع بكلمة للأسمر رحب في بدايتها بالوزير حب الله وقال: "أردنا من هذا اللقاء أن نعرض لواقع قطاع الإنتاج الصناعي في ظل الظروف الاقتصادية الخطيرة حيث الأزمات متكاثرة ولا يمكن معالجتها، إلا من خلال حوار بناء شفاف يعيد البلد الى السكة الصحيحة. والقطاع الصناعي هو المدخل الأساس لأنه يستوعب عددا كبيرا من اليد ال​عاملة​، ولا سيما في ​قطاع الصناعات الغذائية​ والصناعات الدوائية وصناعات مواد التعقيم وغيرها التي يكثر عليها الطلب اليوم في ظل انكفاء حركة ​استيراد​ السلع والمواد بسبب أزمة ​الدولار الأميركي​."

وأشار إلى أن "علاقة الاتحاد العمالي العام مع الصناعيين ال​لبنان​يين هي علاقات مميزة، من دون أي انتقاص لباقي شركائنا في ​الهيئات الاقتصادية​، لأسباب عديدة أهمها: أنتم الشريك الأكبر والأهم مع الاتحاد العمالي العام تاريخيا وحاضرا، لأن المصانع والمعامل كانت ولا تزال رغم الأزمة التي تعصف ببلدنا الحاضن الأكبر لليد العاملة الفنية والتقنية في لبنان، ولأن المصانع والشركات الصناعية هي توظيف طويل الأمد ويحتاج إلى رساميل كبيرة ومناخ اقتصادي معافى ويد عاملة خبيرة وتقنية. ولقد ​بادر​ قسم من الصناعيين إلى تحسين أجور العمال والموظفين عبر إعطاء سلفة غلاء معيشة في ظل الأزمة فهذا يعني أنكم الأكثر تحسسا وقربا من عمالكم لتمكينهم من الاستمرار بتأمين حاجات الحياة الكريمة، ولأن الصناعيين هم الوحيدون الذين أطلقوا منصة لتسجيل طلبات عمل في المهن التي يحتاجون فيها للعمال اللبنانيين وذلك بالتعاون مع الاتحاد العمالي العام."

ودعا "متخرجي الجامعات وطالبي فرص العمل للتواصل مع جمعية الصناعيين أو مع الاتحاد العمالي العام للتعاون لوضع فرص العمل المعروضة في إطار التنفيذ للحد من انتشار ال​هجرة​ و​البطالة​."

أضاف: "من جهتنا نحن في الاتحاد العمالي العام لطالما طالبنا في كل مواقفنا وبياناتنا ومذكراتنا ومقابلاتنا مع المسؤولين بالمحافظة على أهمية الصناعة الوطنية ودورها الأساسي في الاقتصاد الوطني والتصدير وتأمين ​العملات​ الصعبة، فضلا عن قدرتها على امتصاص البطالة والحد من موجة هجرة الشباب. من هنا أطلق الاتحاد العمالي العام دارسة أعدها لتطوير الصناعة وحماية العمال، حدد فيها مختلف المعوقات التي تتعرض لها الصناعة الوطنية، بدءا من ​الكهرباء​ وكلفتها و​المحروقات​ والبنى التحتية والضرائب و​الرسوم الجمركية​ والإقفال بسبب جائحة كورونا وضآلة حجم التمويل وصولا إلى غياب خطة واضحة لدى الدولة تجاه القطاع الصناعي وإزالة العوائق التشريعية والتعامل بالمثل بما يتعلق بالاتفاقيات التجارية، فضلا عن التهريب عبر الحدود وفشل ضبطه بالشكل المطلوب."

وتابع: "كما أننا على اتفاق تام معكم في معالجة المشكلات التي يتعرض لها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وقد طرحنا في دراستنا جملة من الأمور المتعلقة بحقوق ومصالح العمال وهي أمور يمكن معالجتها عن طريق الحوار الايجابي مع جمعيتكم الكريمة، ونحن على ثقة بأن معظم هذه القضايا قابلة للحلول رغم تطورات الأزمة وانعكاسها على الجميع."

واعتبر أن "عمال الصناعة ليسوا عمالا عاديين لأنهم في غالبيتهم فنييون وتقنييون سواء في استخدام الآلة أو صيانتها أو المهندس الميكانيكي والكهربائي والفني، ولا يمكن التعويض عنهم بعمال عاديين من غير اللبنانيين خصوصا في ظل تعاظم هجرة هذه الفئة من شبابنا وشاباتنا. إن خلق فرص عمل جديدة إضافة إلى الحفاظ على أماكن العمل القائمة، هي مسؤولية مشتركة بيننا وأن حل المشكلات التي أوردتها دراسة الاتحاد، تحتاج إلى مثل هذا اللقاء للحوار وليس من أجل الصناعة والعمال فقط، بل من أجل البدء الجدي في وضع أسس سليمة لبناء وطن جديد وواعد واستقرار اقتصادي واجتماعي، وذلك بالتعاون مع ​منظمة العمل الدولية​ لإيجاد مقاربة مشتركة حول واقع وحماية العمال ضمن مبدأ العمل اللائق والحوار الثنائي البناء."

وقال: "لا بد لنا من خلال هذا اللقاء الوطني الذي يجمع بين فريقي الإنتاج، أن نؤكد ضرورة تفعيل أداء الدولة عبر تشكيل حكومة وطنية قادرة على معالجة كل الأزمات المتراكمة والتي وحده الشعب اللبناني تحمل أعباءها، وبخاصة عملية الاستمرار بالدعم حتى إيجاد الخطة البديلة (بطاقة تمويلية)."

وحيا الوزير حب الله على "تعاونه المطلق مع الاتحاد ومع الجمعية، وآخر هذا التعاون حل مسألة تزويد السوق اللبناني بمادة الترابة الوطنية. إننا نضم صوتنا إلى صوتكم لإطلاق صرخة واحدة هدفها "الإنسان في لبنان" من خلال تعزيز حركة الإنتاج الوطني التي وحدها تدعم صمود الأجيال في وطنهم."

أما بكداش فقال: "نحن اليوم على مسافة قليلة من ​عيد العمال​ والفطر والفصح، لذا نسأل: بأي حال عدت يا عيد؟ لقد عدت ومختلف أوضاعنا بأسوأ ما يكون: انخفاض سعر الليرة وارتفاع الدولار إلى 15000 ليرة، انهيار القدرة الشرائية، إقفال آلاف المؤسسات وآلاف أخرى مهددة بالاقفال، ارتفاع قياسي لمعدلات البطالة ولمعدلات ​الفقر​، وتخبط أصحاب العمل لإنقاذ ما تبقى، والعامل وضعه من سيئ إلى أسوأ حيث خسر جنى عمره وخسر تعويضه وخسر عمله."

أضاف: "لن أتحدث كثيرا عن الأسباب فهي واضحة للجميع، لعل أبرزها الفشل الكبير في إدارة شؤون الدولة والخلافات والصراعات السياسية لتحقيق مصالح خاصة ضيقة على حساب الوطن والمواطن، إضاعة الفرص واستنزاف الأمكانات، والأهم عدم وضع رؤية اقتصادية واجتماعية للدولة اللبنانية وإدارة الظهر للقطاعات المنتجة وخصوصا الصناعة الوطنية."

وتابع: "إزاء كل ما حصل وما يحصل حتى الآن، نقول ونحذر: لقد نجحوا بضرب ​القطاع السياحي​ ونجحوا بضرب ​القطاع المصرفي​ الذي لدينا مآخذ عليه وضربوا القطاع الاستشفائي والقطاع التربوي، وبعضهم يخطط اليوم لضرب القطاع الصناعي، لكن فليعلموا اننا وعمالنا و​وزارة الصناعة​ لن نسمح لهم بذلك. نعم، الصناعة توظف 195000 عامل لبناني ولديها ثوابت راسخة لا تحيد عنها، وهي: لا للعمالة الأجنبية إلا بالوظائف التي لا يعمل بها اللبناني وفي بعض المناطق التي فيها نقص بالعمال، لا للتهرب والتهريب البالغ 70% من الاقتصاد، لا لتصدير شبابنا بل لتصدير منتجاتنا، نعم لمحاربة ​الفساد​ والفاسدين وما أكثرهم، نعم لبدء الاصلاحات بالقضاء وبكل المؤسسات الحكومية ونعم للتدقيق الجنائي بكل مرافق الدولة."

وقال: "أمامكم جميعا، نؤكد أن الصناعة باقية مع عمالها لنزيد انتاجنا ونزيد صادراتنا ولإنشاء مصانع وخطوط جديدة. ونعلن، أنه وبتوجيه من وزارة الصناعة وجهود معالي الوزير عماد حب الله وفريق عمله في الوزارة، أنشأنا على مواقع الجمعية والوزارة جدولا بفرص العمل المتاحة بالصناعة اللبنانية كما يمكن للموظف وضع السيرة الذاتية على الموقع نفسه."

أضاف: "وبما اننا بوضع إستثنائي أناشد من الاتحاد العمالي العام العامل اللبناني أن يكون مسؤولا فوق العادة ولا يرفض أي وظيفة، فلا يوجد وظيفة بمستوى عال ووظيفة بمستوى متدن. فالعيب أن نبقى في المنزل وإنتظار الفرج. ففي هذه الأيام الصعبة نرى عددا لا بأس به من الأجانب والنازحين يعملون بوظائف معينة، وكأنها أصبحت حكرا عليهم في ظل عدم وجود أي لبناني للأسف يعمل فيها. علينا أن نقبل بالعمل وفي كل الوظائف المتاحة، وعلينا أن نتأقلم مع مطلبات ​النوم​ بالمصانع التي تعمل 24/24 على أن يكون المكان ملائما، خصوصا ان عددا كبيرا من العمال يأتون يوميا من البقاع والجنوب والشمال، لكن للأسف ​البنية التحتية​ والطرق تعيق التنقل بسهولة وترهق كل من يريد الانتقال لمسافات طويلة."

وختم: "لا صناعة بلا عمال ولا عمال بلا صناعة. فاليوم هو عصر ​القطاعات الانتاجية​، فيا عمال لبنان، فيا سواعد لبنان الصناعة بانتظاركم وهي لكم ولكل الوطن."

بدوره ألقى الوزير حب الله كلمة شدد فيها على "دور العامل اللبناني"، مؤيدا اللقاء الدائم بين الصناعيين والعمال لما فيه حماية الصناعة والعامل". وأكد أن "تأمين فرص العمل هي في الصناعة الوطنية التي تحتاج الى مختلف فئات العمال"، مشددا على أن "الفريقين هما من أبطال الصمود والبقاء في لبنان، لأن الصناعة هي العنصر الأساسي للاقتصاد وليت يقنع البعض أن المفتاح الأساس للإستقرار الاقتصادي والإزدهار، هو الانتاج الذي وحده يبنى على التعاون بين العمال و​اصحاب العمل​."

وقال: "نريد اليوم فرص عمل جديدة وتغيير الثقافة من ثقافة ريع الى ثقافة انتاج بعيدة عن الفساد، لأن المصانع تفيد جميع اللبنانيين وتؤمن السلع لهم، خصوصا وأن الصناعة اللبنانية ذات جودة وكفاءة عالية مثلها مثل أي سلعة في العالم."

وأعلن "صدور تراخيص جديدة لمصانع جديدة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، علما أن الاستهلاك والتصدير يزدادان وفرص العمل تتحسن وتزداد. أشجع الصناعيين على تعزيز فرص العمل لديهم، وغير صحيح أن الوضع تعبان، بل العكس هناك زيادة بالطلب على ​المواد الغذائية​ وغيرها مما يحتاجه المواطنون في هذه المرحلة."

ودعا إلى "زيادة فرص العمل وزيادة الأجور لنحمي الكفاءات التي لدينا، وأطالب اللبنانيين بتشجيع الصناعة الوطنية لأن القطاع الانتاجي هو الأساس في توفير العمل لليد العاملة الخبيرة والفنية والتقنية وتعزيز الاستثمار في هذا القطاع، علما أن كل ما من شأنه أن يخلق فرص عمل جديدة يسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية."

كما دعا "الصناعيين الى تسجيل عمالهم على منصة وزارة الصحة للتلقيح حفاظا على هذه الثروة العمالية والتي لها دورها الأساس في نمو الاقتصاد الوطني."