يكتسب قانون "استعادة الأموال المتأتية عن جرائم ​الفساد​" والذي أقره مجلس النواب في الجلسة التشريعية اليوم الاثنين، أهمية استثنائية. القانون الذي أقرّته اللجان المشتركة بعد اجتماعها بتاريخ 23 شباط الماضي، انطلاقاً من اقتراح القانون الذي كانت تقدّمت به كتلة لبنان القوي في تموز 2019.

وقد أدخلت اللجان المشتركة تعديلات عدّة هدفت لأقلمة الصيغة الأساسية للاقتراح، مع تعديل قانون الإثراء غير المشروع الحاصل في جلسة 30 أيلول الماضي، حيث تم تضمين القانون الجديد ​آلية​ لاسترداد الأموال المكتسبة ​بطريق​ الإثراء غير المشروع، قوامها أنّ الحكم نفسه الذي يقضي بوقوع إثراء غير مشروع، يقضي بردّ الأموال المتأتية عنه إلى الجهات المعنية، أو المتضرّرة إن وجدت، وإلا مصادرتها لحساب الخزينة العامة.

وكان المرصد البرلماني، تساءل حول الجدوى من اقتراح "استرداد ​الأموال المنهوبة​" الأساسي، في ظل وجود آليات لاسترداد هذه الأموال في قانوني الإثراء غير المشروع ومكافحة ​تبييض الأموال​ و​تمويل الإرهاب​ (44/2015).

وعليه، ألغت الصيغة الجديدة للاقتراح كما أقرتها في اللجان المشتركة البنود المتعلّقة باستحداث آلية لاسترداد الأموال لتنظّم الجهاز المسؤول عن استعادة هذه الأموال من ضمن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والعمليّات التي يجب أن تواكب إجراءات هذه الاستعادة.

يؤكد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة في مقابلة مع "الاقتصاد"، أن "القوانين التي تختص بهذه الأموال هي الأكثر أهمية في ظل واقعنا الحالي، ويجب أن يكون لها الأولوية، إذ إننا غير مقتنعين بوجود نية لاسترداد أية أموال منهوبة، والكلام هنا عن السياسيين، الذين يقومون بمسرحية تلفزيونية لتمرير الوقت."

وأضاف: "إقرار هذا القانون يعدُّ أساسياً، ولكنّ العبرة بالتنفيذ، إذ يشرع مجلس النّواب قوانين ويصادق على تعديلات، من دون تطبيقها. ولنأخذ مثالاً قانون "الدّولار الطّالبي"، الذي أقر ولم يسلك طريقه للتطبيق، وهذا ما يتسبب بانعدام الثقة بالسياسيين، الذين عليهم السعي لتطبيق قانون الإثراء غير المشروع، واسترداد الأموال المنهوبة، لأن الأجهزة القضائية والرقابية والمحاسبية لن تكون قادرة على تطبيق عملها من دون الغطاء السياسي."

إقرار قانون الـ "​كابيتال​ كونترول" أهم؟ أم اقتراح قانون استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد؟

"فيما يختص بالـ "كابيتال كونترول"، أنا ضد إقراره، لأن هدف هذا القانون منع تحويل الأموال إلى خارج لبنان، وهذا غير منطقي، إذ لا يجوز منع أصحاب الأموال المتأتية بطرق شرعية من التحويل خارج لبنان من صناعيين وتجار وغيرهم، بل المفترض أن يُمنع السارق والفاسد من تحويل الأموال المتأتية عن جرائم الفساد إلى الخارج وهذا لا يحتاج إلى قانون أصلاً إذا ما حضرت ​المحاسبة​ وتحرك القضاء بغطاء سياسي في هذا المجال.

المشكلة تكمن، في أن إقرار قانون الـ "كابيتال كونترول"، سيضع الجميع في دائرة الإتّهام، ما يمنع أي عملية تحويل إلى الخارج، بحيث يصبح جميع اللبنانيين مذنبين، وتوضع عليهم ​رقابة​ لتحويل الأموال؛ والأجدر التوجه إلى الفاسدين في هذا الإطار، لا إلى أصحاب الأموال الشرعية.

هذا يعيدنا إلى ما ذُكر آنفاً، أن المشكلة في لبنان ليست في القوانين، إنما في القائمين على تطبيق هذه القوانين، حيث يستحيل العمل فيها بوجود مسؤولين فاسدين يجب تغييرهم عوض القوانين، التي تُعدُّ ممتازة، والخوف أن تغيير القوانين قد يظلم الأشخاص الشرعيين."

منصة ​مصرف لبنان

"لا رغبة ببدء العمل بمنصة مصرف لبنان قبل تشكيل الحكومة، لأن المنصة علاج طفيف موضعي لا يعالج المرض. وباعتقادي، فإن مصرف لبنان لا يريد بدء العمل بالمنصة من الناحية التطبيقية، وليس من جهة تمويلها، إنما في ما يخص لجم سعر الدّولار.

لأنه في حال فشل عمل المنصّة في رفع سعر الليرة، سيتسبب في ضربة جديدة لمصداقية مصرف لبنان، وضربة للمنصة الجديدة، وهو يعدُّ خَطراً للغاية، والأفضل اليوم تأجيل إطلاقها لأن الحل لا يكمن في المنصة إنما في السياسة، ومحاربة الفساد، ولا إمكانية لضبط سعر الصرف اليوم في ظل الواقع السياسي الحالي.

شهدت ​الليرة السورية​ تعافياً خلال يومين فقط، بعد تشديد ضوابط رأس المال وحدود السحب المصرفي. هل يمكن أن تطبيق هذه الإجراءات في لبنان؟

نحتاج حكومة وسلطة قادرة على تطبيق أية الإجراءات، والأكيد في لبنان اليوم، أن تشكيل حكومة سيضمن هبوطاً في سعر صرف الدّولار إلى حدود 8 آلاف ليرة.