وقالها سلامة: "ما فينا نكمّل هيك"، ولعلّ هذا التصريح هو مؤشر على بداية خروجه من حالة الإنكار التي كان يعيشها منذ أيام "الليرة بألف خير"، وعلى اعترافه أخيرا بالكارثة الحاصلة.

في المقلب الآخر، نرى أن أسعار بعض المواد الأساسية، تشهد ارتفاعات أسبوعية، حيث سجلت المحروقات ارتفاعا غير مسبوق يوم الأربعاء الماضي، ووصل سعر صفيحة ​البنزين​ 95 أوكتان الى 31200 ليرة، و98 أوكتان، الى 32200 ليرة، والآتي أعظم!

ومع العلم أن هذا التزايد الأسبوعي والمتواصل، يعود الى إرتفاع سعر برميل ​النفط​ 5 دولارات عالمياً، وإرتفاع ​​سعر ​الدولار​​​ في ​لبنان​ الذي يشتريه المستورد من ​​السوق السوداء​​ لتأمين الـ15%، غير المدعومة من قيمة إستيراد المحروقات - ما يعني أن سعر ​البنزين​ سيستمر بالإرتفاع مع إرتفاع ​سعر صرف الدولار​ - إلا أن هذا الواقع يعتبر حتما كمرحلة تحضيرية لبداية رفع الدعم، حيث اعتبر بعض الخبراء أن ارتفاع أسعار النفط وارتفاع سعر الدولار خلال الأسبوع الماضي، لا يبرّران الارتفاع الذي شهدناه؛ فنسبة 85% من الدولارات المخصصة لشراء المحروقات يدعمها ​مصرف لبنان​، و15% من المبلغ يتم شراؤه وفق سعر السوق السوداء، وقد ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء نحو 500 ليرة في الفترة المذكورة، وهذه الزيادة لا توازي الارتفاع بقيمة 1700 ليرة في ​سعر صفيحة البنزين​، حتى مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع أسعار النفط عالميًا.

فهل أن هذا الارتفاع بمثابة ضغط يمارسه مستوردو المحروقات على مصرف لبنان؟ أم أنه طريقة جديدة لوقف عمليات تهريب المحروقات؟ أم هو تمهيد لرفع الدعم؟

هل سيستطيع اللبنانيون تحمل تداعيات قرار رفع الدعم، وخاصة الفئات الفقيرة، في ظل غياب شبكة الأمان الاجتماعي؟ ما هو مصير السائقين العموميين في ظل هذه الارتفاعات؟ ماذا سيتأتى عن الاجتماع الذي سيعقد اتحاد ​النقل البري​ يوم الأربعاء المقبل؟ ماذا عن مستقبل تعرفة النقل؟...

أجاب على هذه التساؤلات رئيس اتحادات ونقابات ​​قطاع النقل البري​​ ​​بسام طليس​، في مقابلة خاصة مع موقع "الاقتصاد"، أشار خلالها الى أن "التحرك الذي نفذه اليوم عدد قليل من أصحاب الفانات والأتوبيسات، لا علاقة لنقابات واتحادات النقل به، كما لم توجه الدعوة إليه على الإطلاق، وبالتالي، لا يعنيها من أي ناحية، بل هو تحرك فردي وشخصي، كما حصل في السابق، ولهذا السبب، لا يعول عليه" وقال: "قطاع النقل البري لا يتحرك بهذه الطريقة. بالعادة عندما ندعو الى التحرك أو الإضراب، أو الى أي نشاط آخر، ننظم اجتماعا يتبعه مؤتمرا صحفيا، للإعلان عن الخطوات المقبلة، كما نحدد المواقع التي سنتحرك أو سنتجمع فيها".

وبالنسبة الى الاجتماع والمؤتمر الصحافي الذي دعا اليه قطاع النقل البري يوم الأربعاء المقبل، لإعلان الموقف والخطوات اللازمة لحماية السائقين من ​مخالفة​ المسؤولين للقانون، أوضح طليس أنه "سيتم التداول في المواضيع التي تخالف فيها الحكومة القوانين، وعلى سبيل المثال، قانون الإعفاء من الرسوم الميكانيكية، الذي صدر في الجريدة الرسمية منذ أكثر من شهر، وحتى اليوم، ما زال السائقون العموميون الذين يطالهم الإعفاء 100%، عرضة لمحاضر الضبط والتوقيف والحجز من قبل ​قوى الأمن الداخلي​، لأنهم لم يتبلغوا بعد بمضمون القانون، أي أن المراسم التطبيقية والقرارات التنفيذية المتعلقة به، لم تصدر بعد".

وأضاف: "بالتالي، نطلب من كل سائق تعرض الى هذا النوع من المحاضر، أن لا يدفعه، ولنا كلام في هذا الموضوع يوم الأبعاء".

وتابع طليس قائلا: "سنبحث أيضا في قرار الحكومة في ما يتعلق بجائحة "كورونا"، حيث أصدرت اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة قرارات تقضي بأن سائقي ​السيارات العمومية​ هم من ضمن الأشخاص الذي يحق لهم العمل في المرحلة الأولى من إعادة فتح البلاد. ومنذ تاريخه والى حد اليوم، يتعرض السائقون الى محاضر ضبط، كما تطالبهم القوى الأمنية بالاستحصال على إذن من المنصة". وقال: "فليقرأ الوزراء جيدا قراراتهم الصادرة، وليطبقوها بالشكل الصحيح؛ فالسائق ليس بحاجة الى إذن، بينما الراكب هو يحتاج الى هذا الإذن. ومن هنا، لا بد أن نسأل: لماذا يتعرض السائق الى المحضر؟".

وأوضح أن "الاجتماع سيتطرق أيضا الى ​أسعار المحروقات​، الذي يحتاج الى الكثير من البحث، إضافة الى موضوع الدعم وعدمه. فأين هو قطاع النقل من هذا الأمر؟". وأضاف: "سيكون لنا موقفا واضحا حيال هذه المواضيع كافة، كما سنحدد خطواتنا المقبلة ومن الممكن أن ندعو الى التحرك على الأرض".

ولدى سؤاله عن إمكانية رفع تعرفة النقل في ظل الاتجاه التصاعدي الأسبوعي لأسعار المحروقات، سأل طليس: "هل من سنرفع التعرفة؟ فاذا ارتفعت التعرفة، من أين سيؤمن الركاب المال للتنقل؟ لا سيما وأن ​الدولة اللبنانية​، ومعها ​القطاع الخاص​، لم تقم بأي تعديل للرواتب، كما لم تبادر حتى الى رفع بدلات النقل".

وأضاف لموقع "الاقتصاد": "المطلوب من الشعب "المعتّر"، أكان سائق أم مواطن أم عامل أم طالب، أن يأكل بعضه البعض"، لافتا الى أن "الدولة والحكومات هي المسؤولة عن إيجاد الحلول المناسبة لهذا الموضوع، وعن مناقشتها ومتابعتها، وليس قطاع النقل البري، ولا الشعب اللبناني بمفرده. ولعله من أهم المواضيع التي تحتاج الى النقاش في الوقت الحاضر".

وأضاف: "اذا كانوا يعتقدون أنهم "يتذاكون" في موضوع رفع أسعار المحروقات تدريجيا، للوصول مع الوقت الى أرقام يعتاد عليها الناس، فهم حتما على خطأ. لأننا سنصل حينها الى مرحلة صعبة للغاية، ولن يتمكن الناس أو السائقون من تحملها".

وحول تقيد الفانات والسيارات العمومية بسعة 30% فقط، أكد طليس أن "غالبية السائقين يتقيدون حتما، ولهذا السبب، ترتفع صرخاتهم". وتابع: "نقول لهم أن هذه الحالة استثنائية، ولا بد من تحملها".

كما قال: "لقد تواصلت مع وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار حول موضوع النقل، واقترحنا أنه خلال فترة الإغلاق العام، وفي ظل فرض سعة بنسبة 30%، أن نحدد تعرفة استثائية، يتحملها المواطن من جهة والسائق من جهة أخرى. وسوف نتطرق الى هذا الموضوع يوم الأربعاء خلال الاجتماع".

وختم قائلا أن الاجتماع القادم من المتوقع أن يحمل معه تصعيدا اذا لم تبادر الحكومة الى تطبيق القوانين، والى القيام بما هو مطلوب منها.