لا خيار لتجار ​لبنان​ اليوم لتفادي الافلاس إلا فتح الأسواق، وهي الصرخة التي رفعها ​التجار​ عالياً الأسبوع الماضي، رفضاً للإغلاق المستمرّ في إطار مواجهة فيروس "كورونا"، واعتراضاً على خطة فتح البلاد تدريجياً على أربع مراحل تمتدّ لثمانية أسابيع، ما من شأنه أن يتسبَّب بخسائر باهظة تصل إلى حدّ الإفلاس والانهيار الشامل الذي سيقضي على القطاع برمّته وسط غياب أي دعم أو تعويضات من قبل السلطة.

وفي مقابلة مع "الاقتصاد" يؤكد نائب رئيس ​جمعية تجار بيروت​ ​جهاد التنير​، أن الأجواء نسبياً إيجابية لجهة إعادة فتح القطاع وعودة الحركة التجارية، ويقول، إنه "بعد الصرخة التي أطلقها ​نقولا شماس​ الأسبوع الماضي، عُقد اجتماع بين ممثلي القطاع التجاري ولجنة "كورونا" يوم الجمعة الماضي، عرضت فيه مشاكل القطاع، وتحدث المعنيون في اللجنة عن الهواجس الصحية في ظل الوضع الحالي، ونتج عن الإجتماع تشكيل فريقي عمل لدراسة كيفية المواءمة بين الموضوعين الصحي والتجاري، للتوصل إلى ضوابط معيّنة لتُفتح بعدها الأسواق التجارية".

وأشار إلى أن الموضوع قيد المتابعة حالياً بشكل جدي وعلمي وبأجواء إيجابية، بعد صرخة الوجع التي أطلقها القطاع التجاري.

وفي التفاصيل، كشف التنير أن "العمل حالياً يهدف لتقريب المراحل قدر المستطاع، إذ إن عودة القطاع التجاري للعمل بحسب ما هو مقرر بموجب خطة الفتح التدريجي، يندرج ضمن الفترة الثّالثة، أي في الثامن من آذار المقبل، فيما العمل حالياً مع المعنيين، ينصب على أن يتم تقريب هذا التوقيت قدر المستطاع، ضمن ضوابط يتم دراستها بين لجنة منبثقة عن "لجنة كورونا"، ولجنة تمثّل القطاع التجاري، وتجمع ممثلين عن "جمعية تجار بيروت"، و"اتحاد غرف التجارة والصناعة"، والهدف هو الوصول إلى تحديد الضوابط التي سيتم اعتمادها مع فتح القطاع، خاصة في ظل عدم التزام شريحة من المواطنين بالإجراءات".

خسائر القطاع التجاري خلال العام الماضي

ولفت التنير، إلى أن القطاع التجاري تلقى أزمات متتالية خلال الفترة الماضية، بدأت بالأزمة المالية والإنهيار الاقتصادي نهاية 2019 وما صاحبه من عدم استقرار سياسي، وأضيفت إليه أزمة تفشي وباء فيروس "كورونا" وما خلّفها من إجراءات أدّت إلى توقف العمل في القطاع، وساهمت هذه الأسباب مجتمعة في إغلاق ما بين 25 إلى 30% من مؤسسات القطاع التجاري خلال الفترة بين 2019 و2020، وهو ما نتج عنه صرف نحو 60 ألف عامل من أصل 300 ألف عامل ضمن القوة المشغلة للقطاع التجاري في لبنان.

ويضيف نائب رئيس "جمعية تجار بيروت": "نخشى تحمل إنهيارات جديدة، إذ من المتوقّع أن ترتفع الأرقام السلبية، خاصة مع الإقفال الذي شهده القطاع في الفصل الأول من العام 2021 الجاري."

ويشير إلى أن التوقعات في حال بقاء الأحوال الاقتصادية والسياسية والصحية على حالها، تنذر بخسارة 25% أخرى من مؤسسات القطاع، وهو ما سيُرتّب تبعات جمّى، منها تراجع حركة استيراد البضائع المخصصة للتجارة والصناعة، ما يعني انخفاضا في قيمة رسوم ​الجمارك​، وتراجعاً في قيمة ضريبة القيمة المضافة المدفوعة، ما يؤثر مباشرة على ماليّة الدّولة.

ومن الأضرار المباشرة أيضاً لعدم الفتح والإقفال، صرف أعداد جديدة من الموظفين، ما يرفع نسب البطالة بين اللبنانيين، ما يفاقم الأزمة الاجتماعية الحالية التي يعيشها لبنان.

ويؤكد التنير، أن القطاع التجاري والخدماتي يشكل 54% من الدّخل القومي، واقفاله يؤدي إلى ضرب العجلة والدّورة الاقتصادية ككل في البلد.

ويلفت إلى أنه من الأسباب الرئيسية أيضاً في تضرر القطاع التجاري، التعقيدات المصرفية المفروضة على اللبنانيين ومنهم التجار، والتي تحد من قدرة التجار على الاستيراد لغياب الـ"fresh money" بفعل الإجراءات المصرفية الصارمة التي تمنع سحب الأموال من البنوك، وتسبب بالغياب والفشل في تسديد الإلتزامات.

ويضيف التنير: "عهد القطاع التجاري في لبنان المرور بأزمات، لكن الواقع الحالي قد يكون الأقصى الذي يشهده القطاع في تاريخه بفعل تراكم الأزمات ونسعى اليوم لتجاوب سريع من "لجنة كورونا".

وقال: "المخاوف من الجهات المعنية اليوم، تتمحور في الحد من عدد الإصابات لاسيما في الأعياد والمناسبات المقبلة، ومنها عيدي الفصح بالتقويمين الغربي والشرقي، و"الشعنينة"، و"​شهر رمضان المبارك​" والإفطارات والواجبات الإجتماعية التي تطبع هذه المناسبات بحسب العادات والطقوس اللبنانية، والتوجس من تكرار عدم الالتزام الذي شهده البلد والتفلت الذي حصل في أعياد الميلاد ورأس السنة، ما يرتب ​كارثة​ تكون أكبر من المتوقعة حالياً، فيما العمل الأسبم والأنجع يتمثّل بالمواءمة بين تدابير وإجراءات مواجهة الفيروس، وعودة الحركة التجارية، على أمل أن يساعد اللقاح في تراجع الإصابات وتحسن الواقع الصحي".