أشار التقرير الاقتصادي الفصلي لـ"بنك عودة" الى انه "من الواضح أن ​الأزمة الاقتصادية​ الحادة التي اندلعت منذ الفصل الأخير من العام 2019، إضافةً إلى إعلان الدولة اللبنانية عن تعثّرها عن سداد ديونها بالعمالت الأجنبية في الفصل الأول من العام 2020، ناهيك عن تفشي وباء كورونا والذي نجم عنه إغلاق للبلد لعدد من الأسابيع بدءاً من الفصل الثاني من العام، مروراً بانفجار مرفأ بيروت في الفصل الثالث، ّكلها عوامل أرخت بثقلها على النشاط الإقتصادي بشكل عام، وأدّت إلى ركود حادّ في أداء القطاع الحقيقي وتردٍّ في الأوضاع ال​مالي​ة والنقدية وضغوط اقتصادية واجتماعية على الأسر بشكل عام.

تقلّص ​عجز الميزان التجاري​ بنسبة 58% في الأشهر التسعة الأولى من 2020، نتيجة انخفاض ​الواردات

سجّل القطاع الخارجي تراجعاً كبيراً في عجز الميزان التجاري بلغت نسبتُه 58% على أساس سنوي في الأشهر التسعة الأولى من العام 2020، بحيث انخفض حجم هذا العجز من 12,5 مليار دولار الى 5,2 مليار دولار حسب الارقام الرسمية الصادرة عن الجمارك اللبنانية. وفي الواقع،ُ يعزى هذا التراجع الملحوظ لعجز الميزان التجاري الى الانخفاض الواضح للواردات بنسبة 48,5%، والعائد بخاصة الى الاوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة، كما الى انخفاض الصادرات بنسبة 6,3%ُ بعيد تفشّي وباء كورونا.

انخفاض العجز المالي العام بنسبة 14% في الاشهر الثمانية الاولى فيما تحوّل الرصيد الاولي من فائض الى عجز ُتظهر إحصاءات المالية العامة الاشهر الثمانية الاولى من العام 2020، أن كلّ من ​الايرادات​ والنفقات العامة انخفضت بنسب تتجاوز الـ10%، ما ّأدى الى تراجع واضح في العجز المالي العام، فيما تحوّل الرصيد األولي من فائض الى عجز. في الواقع، انخفضت النفقات العامة الاجمالية بنسبة 18,5% والايرادات العامة انخفضت بنسبة 20,2% في الفترة المذكورة، ما ّأدى الى تراجع العجز العام بنسبة 14,1% على أساس سنوي.

تدهور ​الليرة اللبنانية​ في العام 2020 وتردّي الاوضاع النقدية

كانت سنة 2020 غير نمطية على صعيد الاوضاع النقدية في لبنان، بحيث ّاتسمت بانخفاض احتياطيّات النقد الاجنبي لدى المصرف المركزي، وبانهيار الليرة اللبنانية تجاه الدوالر الاميركي في ​السوق السوداء​، وظهور أسعار صرف متعدّدة وتزايد القلق حيال ترشيد الدعم وانخفاض أسعار الفائدة على الليرة اللبنانية للمرّة األولى منذ عشر سنوات. فقد تقلّصت احتياطيّات النقد الاجنبي لدى ​مصرف لبنان​ خالل العام 2020 لتبلغ مستوى متدنًّيا للغاية ال يتعدّى 24,1 مليار دولار في نهاية كانون الاول 2020 مقابل 37,3 مليار دولار في نهاية كانون الاول 2019، أي بتراجع قدره 13,2 مليار دولار، وقد واصلت تراجعها لتبلغ 23,5 مليار دولار في نهاية كانون الثاني .2021 وإذا حسمنا سندات اليوروبوند السيادية المملوكة من مصرف لبنان والمقدّرة بقيمة 5,03 مليار دولار والتسهيالت المعطاة من هذا الاخير للمصارف اللبنانية، تنخفض الاحتياطيات السائلة من القطع الاجنبي لدى المصرف المركزي الى ما دون 18 مليار دولار.

ظروف تشغيلية صعبة للمصارف في ظلّ مناخ غير نمطي

تحت التأثير المشترك للازمة الاقتصادية الحادّة، والنحسار التدفقات المالية الوافدة ولتخلّف الدولة عن سداد ديونها بالنقد الاجنبي، سجّلت الظروف التشغيلية للمصارف اللبنانية تردًّيا كبيراً في العام 2020، بحيث شهدت تراجعاً في حجم الودائع و​التسليفات​، وضغوطاً على ​السيولة​ المصرفية وخسائر واضحة في ​الحسابات المالية​، ما ّأدى الى انخفاض الاموال الخاصة. أما نشاط ​القطاع المصرفي​، الذيُ يقاس بإجمالي الموجودات المجمّعة للمصارف العاملة في لبنان، فقد تراجع بمقدار 26,5 مليار دولار في الاشهر الأحد عشر الأولى من العام 2020، أي بما نسبتُه .12,2%.