فقد ​لبنان​ السيطرة على فيروس "كورونا"، ووصلنا للأسف الى نقطة اللاعودة مع تفشي السلالات الجديدة بيننا، بانتظار دورنا في الحصول على حصتنا من اللقاحات. ولكن بعيدا عن الأسباب التي أوصلتنا الى هذه المرحلة الصعبة، ظهر بصيص أمل عملي وإنجاز لبناني 100%، من شأنه القضاء على الفيروس، حماية الأطقم الطبية. ليثبت هذا البلد الصغير مجددا، قدرته على منافسة أكبر دول العالم، من خلال طاقاته البشرية وإنجازات شبابه.

ومن هنا، كان لموقع "الاقتصاد" مقابلة خاصة مع الدكتور وسيم جابر، الذي نجح مع مجموعة من الباحين، في تحقيق إنجاز علمي يدخل في إطار مكافحة "كورونا"، عبر استخدام ما يعرف بـ"تقنية النانو".

- من هو وسيم جابر؟ وكيف عملت على تطوير هذه التقنية؟

أنا خريج ​الجامعة اللبنانية​ ودكتور في النانو تكنولوجيا والنانو فيزياء في ​فرنسا​. عدت الى بلدي الأم لبنان، بسبب جائحة "كورونا"، ومنذ شهر نيسان 2020، بدأت مع مجموعة من الباحثين، في إجراء دراسة علمية للشكل الهيكلي للفيروس. والتمسنا الخيارات العلمية التي من الممكن تطبيقها باستخدام تقنيات النانو على الفيروس، من أجل القضاء عليه على الأسطح، ما دفعنا الى البحث عن مادة معينة قادرة على قتل الفيروس لفترة طويلة جدا، تختلف عن المعقمات العادية.

الهدف الأساسي من هذه التقنية هو حماية الأطقم الطبية، لأنهم في خط المواجهة الأول ضد الجائحة.

وبعد إجراء الدراسة العلمية، والتعرف الى شكل الفيروس ومكوناته، استعنا ببعض المواد التي تدخل ضمن تقنيات النانو، وأرسلنا العينات الأولى في شهر نيسان الماضي الى معهد البحوث الصناعية بعد القيام بتجارب عدة. وفي شهر حزيران 2020، نجحنا في القضاء على بكتيريا تعيش في المستشفيات، من خلال مادة معينة. وبسبب غياب مختبر متخصص في الفيروسات في لبنان، أرسلنا العينات الى معهد باستور في فرنسا ومعهد فالينسيا الميكروبيولوجي في ​إسبانيا​، ليتم فحص هذه المادة على جميع أنواع فيروسات "كورونا".

وفي شهر تشرين الثاني، جاءت النتيجة مشجعة ومشرّفة من معهد فالينسيا، حيث استطاع منتجنا القضاء على فيروس "كورونا" على المسطحات خلال فترة زمنية لا تتعدى الدقيقة الواحدة. وهذا المنتج لا يعمل على "كوفيد-19" فحسب، بل على أي طفرة أو تحور جيني في عائلة "كورونا" أيضا.

- أخبرنا أكثر عن المنتج الذي كشفتم عنه خلال الأسبوع الماضي.

وقعت مؤسستا "EXPAND" و"NANOSTECH"، اتفاقية لطرح كمامة طبية لبنانية الصنع مزودة بجزئيات النانو القادرة على قتل فيروس "كورونا".

وقامت "NANOSTECH"، المتخصصة في مجال التعقيم ومكافحة العدوى والفيروسات والآفات الطبيعية بواسطة استخدام تقنيات النانو، بإختراع الحل المناسب بتقنيات النانو، والقادر على قتل "كورونا" بشكل مباشر بمجرد وصوله اليها، وفعاليته تدوم لمدة ستة أشهر.

ولا بد من الاشارة الى أن تقنية النانو تعد أداة تكنولوجية دقيقة وحديثة وهي تستخدم لقتل كافة أنواع الفيروسات و​البكتيريا​. وقد حصلنا على شهادتي فعالية، الأولى عالمية من معهد ​فالنسيا​، تتعلق بالقضاء على فيروسات "كورونا"، والثانية محلية من معهد البحوث الصناعية في وزارة الصناعة تتعلق بالقضاء على البكتيريا، بالإضافة الى براءتي إختراع مصدرهما مصلحة حماية الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد والتجارة، الأولى تتعلق بتقنية تغليف النانو المضادة للميكروبات، والثانية تتعلق بـ"نانو ماسك"؛ وهو ماسك مضاد للفيروس بجزيئات النانو.

نتوجه من خلال هذا المنتج الى الأطباء والمستشفيات والطاقم الطبي، من أجل تأمين الحماية اللازمة لهم، حيث سيكون لديه تطبيقات عدة على الأقمشة والفقازات والكمامات، بالإضافة الى قدرته على التعقيم المضاد للفيروسات وللبكتيريا، ليخدم بذلك العاملين في القطاع الطبي، والأشخاص العاديين، على حد سواء.

سيكون منتجنا موجودا لتعقيم أي مكان يتخوف الناس من انتقال العدوى من خلاله.

- ماذا عن أسعار هذا المنتج؟

هذا المنتج مطور على المقياس الجزيئي، والمادة المستخدمة هي بطبيعة الحال، مكلفة نوعا ما. لكنه سيلبي حاجة المجتمع اللبناني، وسيكون متوفرا بسعر مقبول جدا في الداخل اللبناني، وذلك لكي يتمكن الجميع من الاستفادة منه.

سنطلق قريبا مبادرة خاصة بالأطقم الطبية، لأننا لا نسعى الى الربح المادي من هذه التقنية التي سنطبقها في المستشفيات. فنحن نعيش في ظروف حساسة للغاية، وبالتالي، نعتبر اليوم أن أرواح الناس وسلامة الأطباء هما الأولوية بالنسبة لنا.

- متى سنشهد على نتائج هذا الحل المطروح من قبلكم للقضاء على فيروس "كورونا"؟

سوف نتنفس الصعداء عندما تصبح هذه التقنية متاحة للجميع، وموجودة في الأماكن الحساسة بالدرجة الأولى، أي المستشفيات، ومن ثم الأماكن الأخرى التي من شأنها المساهمة في عودة الحياة الى طبيعتها تباعا.

- هل تلقيتم أي دعم رسمي من قبل ​الدولة اللبنانية​؟

نشكر رئيس مجلس النواب نبيه بري على المبادرة التي قام بها، حيث حاول أن يحضن هذا الإنجاز بشكل معنوي، كما شدّ على أيدي الفريق العملي الذي عمل على هذا الموضوع.

لكن هذا لا يكفي للأسف، لأن الدولة غائبة وفي سبات عميق، أكان عبر وزارة الصحة، أم بعض الإدارات الأخرى. وذلك لأنه يتم التعاطي مع الوباء بحسب معايير خاطئة جدا، وهذا لا ينقذ لبنان من آتون الموت المتربص في كل منزل.

ومن هنا، ما زلت أمد يدي الى الدولة اللبنانية التي لم تبادر، لا من قريب ولا من بعيد، في هذا الإنجاز الضخم الذي يشرّف لبنان على صعيد القدرات العلمية.

- في النهاية، ما هي الرسالة التي تودّ إيصالها الى الشعب اللبناني؟

فيروس "كورونا" خطير للغاية، والأمور خرجت عن السيطرة الكلية والفعلية في لبنان، والمصير بات متروكا لله.

لقد حذرنا مرارا وتكرارا، من خلال الدراسات العلمية وتحليلات البيانات التي كنا نرفعها للناس كل فترة، من عواقب هذا الفيروس، ومن التحور الجيني الذي قد ينشأ من خلاله. لكن الاستهتار كان سيد الموقف، وللأسف جاءت إجراءات الدولة دون المستوى المطلوب، ولم تتحلَّ بالمهنية والحرفية في التعاطي مع إدارة ​الكوارث​. وانطلاقا من هذا الواقع، أجد أن الإقفال هو الحلّ الجذري والحيد، لتخفيض عدد الإصابات. ففي نهاية هذا الشهر، نحن مقبلون على نتائج كارثية للأسف.

لذلك أقول للناس: "حياتكم ملك أيديكم. صحتكم تقف على وعيكم. المرحلة حساسة للغاية، ولا أحد يعلم ماذا ينتظره. فليبعد الله الأذى عن الجميع ويسلّم بلدنا لبنان".