يستمر أهل السلطة في لبنان في انتهاج سياسة "المماحكة"، وصراعاً مفتوحا من أجل تحسين مواقعهم ونفوذهم السياسي، في الوقت الذي يغرق فيه لبنان، بأزمات اقتصادية ومالية واجتماعية أصابت بسلبياتها الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.

البعض يعتبر أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة على سدة القرار التنفيذي منذ 30 سنة قد "شاخت"، وتالياً دخلت مرحلة متقدمة من "العقم" السياسي وفقدان القدرة على الإبداع، ما يجعلها عاجزة عن إيجاد الحلول للمشاكل وللأزمات التي تسببت بها، لا سيما بعد أن فقدت ثقة الداخل والخارج، وباتت محاصرة وعاجزة.

نائب حاكم ​مصرف لبنان​ السابق مكرديج بولدقيان، من الذين يرون أن الطبقة السياسية باتت عاجزة عن قيادة دفة الحكم في لبنان، كونها لم تعد تملك مفتاح الحلول لأزمات لبنان المتراكمة والخطيرة في الوقت عينه.

ويقول بولدقيان، "لقد خسرنا الكثير من الفرص لمواجهة الانهيار المالي والاقتصادي الذي زعزع هياكل النموذج الاقتصادي اللبناني، الذي بُنيَ أساسا على سياسات خاطئة خدمت مدتها ولم تعد تجدي اليوم، وإن سياسة الريع والاعتماد على الفوائد لتأمين تدفق الأموال من الخارج يمكن أن تخدم لفترة زمنية محدودة، وليست لكل وقت".

ويضيف نائب حاكم مصرف لبنان السابق: كان علينا وقبل سنوات أن ننتقل إلى الاقتصاد الإنتاجي الذي يقوم على دعم الصناعة لزيادة فاتورة التصدير على حساب فاتورة الاستيراد المرتفعة جداً، إذ إن لبنان يستورد نحو 85% من السلع والخدمات.

ويرى بولدقيان، أن لبنان فرَّط بأكثر من فرصة للخروج من النفق الذي حشر بداخله، لا سيّما الفرصة التي وفّرتها المبادرة الفرنسية، وهو اليوم يراهن على الفرصة الأميركية، التي يقول بولدقيان إنه يرى أن مصيرها، إذا جاءت لن يكون أفضل من مصير سابقتها.

ويختم النائب الثاني السابق للحاكم بالقل: "على المسؤولين اللبنانيين أن يبادروا فوراً إلى إعادة ترتيب ​البيت​ السياسي اللبناني على قواعد جديدة، يتم من خلالها تأمين الإنسجام والتناغم بين كل الأطراف الممسكة بالحكم وبالقرار، وأن تبادر هذه الأطراف التي ستكون مجتمعة تحت سقف مجلس الوزراء، إلى تنفيذ الإصلاحات التي طلبها المجتمع الدولي من لبنان، وعندها يمكن للبنان أن يستعيد ثقة الخارج والداخل به، وهذه الثقة وحدها التي يمكن أن تُخرجنا من النفق المظلم".