هي سيدة أعمال ​لبنان​ية عصامية، بدأت من الصفر، وتسلقت سلم النجاح درجة درجة، وما زالت الى حد اليوم، مستمرة في الصعود، اذ لا يعوقها شيء عن تحقيق أهدافها، كما لا تؤخرها أي ظروف عن جعل أحلامها حقيقة!

يسمّيها البعض "Queen of branding"، أي "ملكة الترويج لمنتج عبر الدعاية و​التصميم​"، حيث لم يقتصر نجاحها فقط على الجانب الشخصي، بل تعدّاه إلى تعزيز مكانة أي شركة أو مؤسسة تقدم لها خدماتها، بفعل أفكارها الخلاقة وغير التقليدية.

فلنتعرف أكثر الى المؤسسة والمديرة الإبداعية في شركة "Dimpill"، لين حلواني مرعي، في هذه المقابلة الحصرية مع موقع "الاقتصاد":

- من هي لين حلواني مرعي؟

تخرجت عام 2002 من "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، حيث تخصصت في التصميم الغرافيكي. وخلال فترة الدراسة، خضعت لدورات تدريبية في عدد من شركات التصميم والمطابع، من أجل توسيع خبراتي وتطوير مهاراتي على الصعيد العمليّ؛ اذ أن العمل الميداني على الأرض، مختلف تماما عن المحاضرات الجامعية التي تكون بالعادة نظرية وتقنية.

تدرّبت لفترة في شركة "Move Design Studio"، وبعد التخرج، تم توظيفي كمصممة في الشركة. ومن خلال هذه الوظيفة، اكتسبت معظم خبراتي، حيث كنا نتعاون مع شركات كبرى ومعروفة، وبالتالي، تعلمت الكثير من هذه التجارب.

لقد منحتني هذه الشركة الحرية الكاملة للانطلاق في مسيرتي، وذلك من خلال إعطائي مسؤوليات كبيرة، أتاحت لي السير نحو الأمام بدون خوف.

في تلك الفترة، كنت أعمل على مشاريع خاصة بي، خوّلتني الحصول على قاعدة وفية من العملاء والحسابات. ومع الوقت، بنيت مهاراتي، وطورت موهبتي، ولكن شاءت الظروف أن تغلق هذه الشركة أبوابها، فقررت عام 2000، أن أبدأ عملي بشكل رسمي.

كنت في البداية، أتشارك مع والدي مكتبه الموجود في منطقة كليمنصو. ومع الوقت، بدأ الناس يقصدونني من خلال الأصداء الإيجابية التي كانوا يسمعونها عني. وهكذا بدأ اسم "Dimpill" يكبر ويتوسع، وانطلقت رحلتي العملية.

فبعد ثلاث سنوات من العمل، حصلت على مكتبي الخاص، وعملت على تنمية نشاطي المهني، كما وسعت فريق العمل. وما زالت شركة "Dimpill"، مستمرة وموجودة في السوق منذ نحو 20 عاما.

وكانت الأمور تسير بسلاسة حتى أصبحت المشاكل والأزمات تتزايد في منطقة ​الشرق الأوسط​، اقتصاديا وسياسيا، ما أدى الى تغير واجهة السوق الى حد ما، وذلك منذ بداية عام 2014.

كان الوضع في لبنان حينها، مقبولا، مع العلم أن الاتجاه الأكبر كان نحو ​السعودية​، حيث كانت طلبيات التغليف هائلة.

- ما هي البلدان التي تمكنت من الوصول إليها خلال هذه السنوات الطويلة؟

الى جانب لبنان، وصلنا الى ​الامارات​، السعودية، قطر، ​الكويت​، ​البحرين​، و​عمان​، ​المملكة المتحدة​، بالإضافة الى ​الولايات المتحدة​، وبعض الدول الإفريقية، حيث تلجأ الشركات بالعادة، الى الشرق الأوسط من أجل الحصول على خدمات التعبئة والتغليف، بسبب افتقاد المنطقة الى شركات التصميم القوية.

- ما الذي ضمن استمرارية "Dimpill" وثبّت مكانتها في السوق؟

العامل الأكبر والأهم هو الشغف؛ فعندما نحب ما نقوم به، سنبرع!

أنا لا أؤيد إطلاقا، اختيار تخصص معين أو مهنة معينة، من أجل إرضاء المجتمع أو العائلة. بل على الشخص أن يكتسب مهارة ويطورها، لكي يلمع اسمه؛ كما عليه التركيز على تطوير هذه المهارة منذ عمر صغير.

أشجع أولادي دائما على تنمية مهاراتهم، كونها تشكل القيمة المضافة التي سترافقهم في كل مراحل حياتهم، وستساعدهم على تحقيق أكبر النجاحات.

ففي نهاية المطاف، لا يتعلق العمل دائما بتحقيق الأرباح المادية فحسب، بل على العكس، من المهم جدا أن يقدم الشعور بالرضا للإنسان، عند وصوله الى عمر معين؛ حيث أن التقدم تعطي شعورا رائعا لا يوصف بالكلمات ولا يثمّن.

- هل تأثرت "Dimpill" بالأوضاع الاقتصادية الصعبة وبتداعيات فيروس "كورونا"؟

​​​​​​​

لم نتأثر الى حد كبير، لأن العديد من مشاريعنا وأعمالنا تحولت الى تصاميم الكترونية،بدلا من أن تكون مطبوعة، وذلك سواء بالنسبة الى المواقع الالكترونية، ​التطبيقات​، التجارة عبر ​الانترنت​، ​الشبكات الاجتماعية​،...

لقد تطور العالم الى حد كبير، وعوضا عن توجيه أعمالنا فقط نحو ​الطباعة​، بات من الممكن الاطلاع على المنصات الإلكترونية كافة، كالهاتف أو ​الكمبيوتر​. وبالتالي، تغيرت وسائل العمل، لكن ناحية التصميم لم تتأثر بشكل كبير.

فعلى سبيل المثال، لا شك أن المطاعم كانت تهتم أكثر بالدعاية، من ناحية اللوحات الإعلانية، وطباعة قوائم الطعام، والـ"sous-plats"، لكنها باتت اليوم تضع كود "QR" فقط على الطاولة، بحيث يتمكن الزبون من مسحه للحصول على قائمة الطعام على هاتفه.

لقد تأثرت حتما بعض الأمور من ناحية معينة، ولكن من الجهة الإيجابية، تزايد الطلب على التغليف، اذ أصبح هذا العامل في الواجهة، وبات ينال اهتمام الشركات والعملاء على حد سواء، ما يعد تحديا كبيرا بالنسبة الى المصممين، يدفعهم الى التفكير خارج الصندوق، وتقديم كل ما هو جديد ومميز وغير تقليدي، لكي تنال النتيجة النهائية إعجاب الزبائن ورضاهم، وتلاقي توقعاتهم.

- ما هي مشاريعك المستقبلية؟

بفضلٍ من الله، لقد تمكنت من تحقيق الكثير من الطموحات خلال مسيرتي المهنية. وعند وصولي الى عمر الأربعين عاما، كنت قد أنجزت معظم أحلامي وأهدافي.

فـ"Dimpill" هي شركتي الأولى، المتخصصة في التصميم الغرافيكي، ولكنني أسست مؤخرا شركة للزيوت، باسم "Olly Essential". كما دخلت في مشروع "Paper Lemon"، الذي يقدم منتجات مطبوعة، يمكن استخدامها لتسهيل الحياة اليومية، وتنظيم الأمور الفوضوية التي يعاني منها الناس.

- هل نجحت في تحقيق التوازين بين حياتك الخاصة والعائلية وعملك؟

الأمومة ليست أمر سهل، وهي لا تقتصر فقط على مبدأ قضاء الوقت مع الأولاد، بل المهم هو الوقت ذات النوعية. التربية الفعالة بالنسبة لي هي تعليم الأولاد ​المبادئ​ الصحيحة، وتقوية شخصياتهم وتشجيعهم على تحقيق مهارات و تطويرها.

ولا بد من الاشارة، الى أنني أستيقظ باكرًا جدّا كل يوم، من أجل تنظيم نهاري، سواء على الصعيد المنزلي أو العملي. أسجل الأفكار التي تردني أحيانا في الأحلام، وأنظم قائمة مهامّي اليومية. ومعظم عملي المنتج يكون من الساعة الرابعة والنصف صباحًا حتى العاشرة.

أنا مثل كل أم، أشعر ببعض التقصير في أماكن معينة، ولكن أشكر الله لأنني تمكنت من تحقيق التوازن بين عائلتي وعملي. ومن هنا، أنصح المرأة أن تجد هذا التوازن الصحيح بين الحياة الخاصة والعمل، كي تنجح في تطوير مسيرتها المهنية، ولا تهمل منزلها وعائلتها. وهذا الأمر قابل للتحقيق من خلال تنظيم يومياتنا بشكل صحيح.

- ما هو الإنجاز الأكبر التي حققته الى حد اليوم؟

من الناحية الشخصية، عائلتي هي الإنجاز الأكبر بالنسبة لي. أما من الناحية العملية، فأعتقد أن الاسم الذي بنيته طوال سنوات عملي، هو إرثي وإنجازي؛ اذ أن "Dimpill" باتت اليوم الوجهة الأساسية للأشخاص الذين يبحثون عن خدمات التصميم والـ"branding".

- كيف تواجهين المنافسة؟ وهل تعتقدين أنها تشكل عاملا مفيدا في عالم الأعمال؟

​​​​​​​

المنافسة أساسية، خاصة في مجال التصميم. فأنا أقدم كل التشجيع والدعم لزملائي في هذه الأوقات الصعبة التي نمر بها، كما أقف الى جانب المصممين الناجحين لأن هذا القطاع بات من أكبر المجالات فعالية في التسويق، حيث أنه يؤثر بطريقة مباشرة على عمل الشركات، ومن هنا، يحظى بمكانة مهمة في ​الاقتصاد العالمي​.​​​​​​​​​​​​​​

- من قدم لك الدعم في مسيرتك؟

لطالما لعب زوجي دورا كبيرا ومفصليا في حياتي المهنية، حيث كان الداعم الأول لمسيرتي منذ أن كنت موظفة.​​​​​​​وقد شجعني على إطلاق شركتي الخاصة، لأنه كان يؤمن بمهاراتي وبقدرتي على تحقيق النجاحات.

وكانت عائلتي من الركائز الأساسية لنجاحي لأنني نشأت في بيت فني. والدتي يمن نشابي فنانة تشكيلية، وهي ال​​​​​​​تي عرّفتني على الفن منذ سنواتي الأولى. حضرت الكثير من المعارض معها وجعلتني أتأمل لوحاتها معها وقراءة الكتب الفنية.

ولقد مكّنني والدي عمر حلواني منذ أن كنت في الرابعة عشرة من عمري للتفكير في مسيرتي المهنية في جميع الأوقات، وهو الذي دعمني عندما قمت بتأسيس "Dimpill"، من خلال تعليمي تفاصيل إنشاء شركة ووضعني على المسار الصحيح. وأخي فؤاد ح​​​​​​​لواني الذي تخصص في مجال "communication arts"، وأصبح الآن كاتب سيناريو ماهر (script writer)، يقدم لي الدعم المستمر، وأنا أعتبره أحد أكثر النقاد البنائين لعملي.

أما بالنسبة الى "Dimpill"، فلولا فريق العمل الرائع والمبدع الذي يرافقني على الدوام، لما وصلت الى ما أنا عليه اليوم. فهناك أشخاص وقفوا الى جانبي لفترات طويلة، ولولا وجودهم لما أحرزت أي تقدم. وهم أفراد تركوا وطأة في حياتي، ولن أنسى فضلهم مطلقًا.​​​​​​​

- ما هي نصيحة لين حلواني مرعي الى ​المرأة اللبنانية​؟

أنصح المرأة اللبنانية بعدم تضييع وقتها وطاقتها على الأمور الفارغة وغير المجدية. كما أشجعها على ملاحقة أحلامها، وعدم الاستسلام مهما اشتدت الصعاب. فالمرأة قادرة على الوصول الى أهدافها كافة، اذا تحلت بالمقومات المناسبة، وعملت بشكل صحيح، واهتمت بتنظيم وقتها وجدول أعمالها.