لم يكن قطاع الصناعة، بمنأى عن التراجعات التي ضربت القطاعات الاقتصادية والإنتاجية كافّة في 2020، إلا أنّه وفق وزير الصناعة عماد حب الله كان الأقل تضرراً في السنة التي شهد فيها ​لبنان​ أكبر أزمة منذ بداية الحرب اللبنانية.

ويؤكد حب الله في مقابلة مع "الاقتصاد"، أن التعويل على الصناعة في المستقبل يعد استثماراً مربحاً للجميع، إذ يُدرُّ هذا القطاع للبنان، عملة صعبة من الخارج.

وتحدث وزير الصناعة عن التحديات التي واجهت القطاع سنة 2020 وكيف واجهها من خلال ثقته وإيمانه بأهمية هذا القطاع:

هل تشكيل الحكومة يمنع مواصلة انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان؟

"تشكيل الحكومة ضروري أكثر من أي أمر آخر في لبنان، لأن البقاء بحكومة تصريف أعمال، يعني إنهاء كل ما تبقى اقتصادياً، ومالياً، ونفطياً.. وسيؤدي ذلك إلى رفع مستوى التصدّع الاجتماعي والمعاناة التي يتعرض لها المواطن.

للأسف، حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع اتخاذ قرارات حاسمة، هذا يعني أننا نرمي بالمؤسسات اللبنانية وبالأخص الصناعية منها إلى وضع مأساوي يمنعها من النجاح والصمود.

ويجب أن تكون حكومة كاملة الأوصاف، ومنتجة وفاعلة، ودون ذلك لن يكون هناك أي مقومات بقاء للشعب والمؤسسات".

ما هو حجم خسائر القطاع الصناعي اللبناني خلال 2020؟

"عندما نتكلم عن سنة 2020 لا بد من التطرق إلى وضع الناس وأموالهم التي نهبت، و​الليرة اللبنانية​ التي فقدت قيمتها وفُقدت معها القيمة الشرائية للمواطن. هذه الأجواء خلقت عدم إمكانية لاستثمارات جديدة في مختلف المجالات.

قد يكون القطاع الصناعي الأقل تضرراً من غيره لعدة أسباب:

تَوَحُد جهود الصناعيين و​وزارة الصناعة​ والحكومة بوضع خطة واستراتيجية تؤمِّن قدر المستطاع الدعم للصناعيين.

عقد اتفاقية مع حاكم مصرف لبنان ومع ​جمعية الصناعيين​ لتأمين جزء من أموال الصناعيين من ​المصارف​.

الاتفاق مع جمعية المصارف على تقسيط الفوائد وتأخيرها وتمديد المهل.

تم دعم بعض المواد المستوردة على سعر الصرف الرسمي أو على سعر صرف 3900 ليرة للدولار.

لكن هذا لا يعني أنه كان عاماً مزدهراً على القطاع الصناعي، بالطبع تضرر كثيراً، فهناك العديد من المصانع التي أغلقت أبوابها واليد العاملة التي فقدت وظائفها. وبحسب تقييمنا ما بين 5 إلى 8% من المصانع أغلقت أبوابها، هذا عدا عن المصانع غير المسجلة في وزارة الصناعة التي أغلقت، لذلك كان من الصعب تحديد النسبة بشكل دقيق.

لكن الضربة الكبيرة كانت بفقدان الاستثمار في هذا القطاع، وفقدان القوة الشرائية والسيولة إن كانت بالنسبة لأصحاب المصانع أو بالنسبة للمستهلكين. أيضاً الإغلاق بسبب فيروس "كورونا" أثر على المصانع، فهذا هو القطاع المنتج الأوحد في لبنان ويُشغِلُ نحو 190 إلى 200 ألف عامل".

كيف واجهتم الانهيار الاقتصادي إضافة لإغلاق البلد بسبب فيروس "كورونا"؟

"بسبب الوضع المصرفي والنقدي الذي وصلنا إليه في البلد، بدأنا بالتخفيف من العمليات التي تستهلك العملة الصعبة. الإحصاءات لدينا تقول، إنه خلال أول 8 أشهر من سنة 2020 انخفضت نسبة الاستيراد 50%، بينما انخفضت نسبة التصدير 8% فقط، ما يعني أن ​الميزان التجاري​ بشكل عام وميزان المدفوعات تحسن بشكل كبير وهذه الطريقة الوحيدة لتحسين الوضع.

الأوضاع التي حدثت، فتحت فجوة جيدة كما أسميها، وذلك من خلال القدرة على التصدير وتلبية أكبر من حاجة السوق اللبناني.

والقطاع الصناعي يدر علينا عملة صعبة من الخارج في حال تم استثماره جيداً، بمعنى أن كل دولار يتم صرفه لاستيراد مواد أولية للصناعة يوفر بالمقابل 3 أو 4 دولارات من الاستيراد التجاري، وفي الوقت عينه يتيح لنا أن نصدر نحو دولارين إلى الخارج.

أتمنى على الحكومة الجديدة أن تستثمر أكثر في هذا المجال لأنه أساسي، كذلك أشجع المستثمرين لأنه القطاع الوحيد الذي يبقى على المدى البعيد في لبنان".

في ظل الحديث عن رفع الدعم، كيف سيتأثر القطاع والمواد الأولية للصناعيين؟

"اقترحنا كحكومة تحديد المواد الأساسية التي يجب أن تصل إلى الجميع بالسعر المدعوم، وإذا كان هناك إمكانية لدعم المواد الأولية للتصنيع نكون قد خففنا من الأعباء على الجميع.

واقترح مجدداً بدل أن ندفع 4 دولارات على الاستيراد، نقوم بدفع بدولار واحد على المواد الأولية وبذلك نكون قد شجعنا الصناعة اللبنانية وخففنا الحاجة للعملة الصعبة. وبعد الأعياد سننطلق بهذه الخطة في حال لم تتشكل الحكومة".

رأينا أولى خطوات التوجه شرقاً من خلال الاتفاق على شراء النفط الأسود العراقي.. في مجال الصناعة كيف نستطيع القيام بخطوات شبيهة تدعم الصناعة والصناعيين في لبنان؟

"نتوجه شرقاً بكل ما يخدم لبنان، وذلك لا يعني التخلي عن الغرب بتاتاً.

أين تكمن مصلحة لبنان علينا أن نعمل من أجلها، وبالطبع أشجع التعاون مع المصانع الشرقية التي لديها الكفاءات العالية عالمية.

نستطيع أن نحدد بعض الصناعات من الخارج، كصناعة ​الطاقة​ الشمسية والطاقة البديلة مثلاً، ونقترح على المصانع (شرقاً أو غرباً) الاستثمار في لبنان، وبهذه الطريقة نشجع الصناعة المحلية.

لم يفُسح لنا المجال القيام بهذه الخطوة، لذلك أتمنى على أي حكومة قادمة أن تنوع المصادر، فالتعاون هو الذي يجعل من لبنان حيوياً ومميزاً".