يعتبر "خان صاصي" أحد أهم الوجهات ​السياح​ية في مدينة ​صيدا​ القديمة، ومن هنا، كان لموقع "الاقتصاد"، جولة في المكان، وحديث خاص مع المرشدة في المكان أماندا خليل، التي أوضحت أن خان صاصي هو لعائلة صاصي، وهم من المالكين في مدينة صيدا منذ قرابة الـ300 عاما، كان صاصي وقصر دبانة وعودة لشخص مغربي اسمه آغا حمود وعندما ساءت أحواله المادية، باع جزء كبير منه للعائلات.

ولفتت الى أن العائلة غادرت منزلها في صيدا بعد حدوث آخر زلزال في المدينة عام 1956، وبعد ثماني سنوات، عاد أنطوان صاصي، وهو المسؤول عن الخان، وقرر أن يعيد ترميم المكان. وعندما بدأوا بالحفر وجدوا آثارات يعود جزء منها لعهد المماليك وجزء آخر لعهد الصلبيين. آثارات المماليك موجودة أسفل المراحيض، والتي كانت تخص ​النساء​. كما وجد فرن كان يستعمل لصنع الفخار ولتسخين ​المياه​ للاستحمام، بالاضافة الى وجود غرفة للمؤن استخدمت لتخزين القمح وغيرها من الاطعمة التي تحتاج الى حرارة منخفضة. أما بالنسبة الى قسم الصليبيين، فكان يضم في داخله بئر مياه للشرب، وغرف للراحة كانت تخص ​التجار​.

كما شرحت خليل أنه منذ عام 2010، كان العبور إلى الخان ممنوعاً، بعدما بدأ مالكوه من آل صاصي ورشة ترميمه حينذاك. قبل ذلك، كانت طبقاته الثلاث وأجنحته وأقبيته وعلياته مفتوحة أمام عائلات صيداوية شردها زالزال عام 1956. سكنت في بعض أجنحته، وأدخلت إنشاءات إسمنتية على طرازه العمراني العثماني، في حين غلب الإهمال أقسامه الأخرى. كما تحول إلى مستودع للفحم خلال فترة الحرب اللبنانية.

وقالت: "في عام 2012، قررت العائلة ترميم الخان من خلال مؤسسة "آل صاصي"، التي عمدت إلى إعادة القصر لسابق عهده، لكي يتماشى مع ما تشهده مدينة صيدا القديمة من إحياء لتراثها التاريخي والحضاري. ولكن رغم الترميم، لم يُفتح الخان للعموم، كما الحال مع "قصر دبانة" و"خان الإفرنج" و"متحف عودة"، بل نظم مالكوه فيه حفلات خاصة وأمسيات موسيقية خُصّصت لجمع ​التبرعات​ لمؤسسات خيرية. وفي عام 2018، فتح "خان صاصي" أبوابه للعموم مجاناً، بهدف اكتشاف كنوز صيدا القديمة المخبأة".

وذكرت خليل لـ"الاقتصاد"، أن "خان صاصي" كان قديماً عبارة عن مخزن للمونة واسطبلاً للخيول، وفوقه بيت يتألف من ثلاثة طوابق، وهو يعتبر نصف قصر حمود، الذي شيد عام 1711 على الطراز العثماني، أي كان يحتوي على قسمين، هما السلامليك والحرمليك؛ السلامليك هو مكان الاستقبالات، والحرمليك هو مكان للنساء والأطفال. وهذا التقسيم قديم جداً في العمارة العربية، ويعتقد باحثون بأنه يعود بالأصل إلى التراث العثماني، وتكرس تقريبًا في فترة الإمبراطورية العثمانية في المنطقة.

وأوضحت أنه في س​​​​​​​احة القصر الخارجية، يوجد بئر ماء معين تُرفع المياه منه بدلو معلق على دعامتين من الرخام. وفي القصر حمام والعديد من غرف الجلوس، وبعض غرف ​المنامة​، بالإضافة إلى غرف يقال لها "الإسمندرة"، تستعمل للمونة المنزلية. وبعد أن باع آل حمود القصر، قام آل دبانة بشراء السلامليك، وآل صاصي اشتروا الحرمليك الذي بات يعرف بـ"خان صاصي".

كما أكدت أن هذا الخان يبقى من إرث آل صاصي، وهو أحد الأمكنة الأثرية والسياحيّة في مدينة صيدا، تقام بداخله أنشطة عدة، منها الثقافية والفنية، وحتى الأعمال الخيرية.

ولدى سؤالها عن ما اذا كان الخان يستقطب عددا كبيرا من السياح، أشارت خليل الى أن هناك اقبال من السياح على الخان، ولكن في الفترة الحالية انخفض عدد السياح بسبب الأوضاع الراهنة. أما عائدات الدخول، فإنها تعود للعائلة وليس للدولة، وما يهم صاحب الخان هو الحفاظ على إسم العائلة.

​​​​​​​

ولفتت أيضا الى أن القصر يشكل قبلةً للكثير من السياح الذين يريدون التعرف إلى تاريخ مدينة صيدا.​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​

وتجدر الإشارة الى أن عائلة صاصي تتفرع من ثلاثة إخوة، جاء والدهم من الشام، وهم يوسف ونقولا ومخايل، وهم أول من سكنوا في هذا المنزل الأثري، وكانوا تجاراً وصاروا من كبار الملاكين في ذلك الوقت. وكانت هذه العائلة من العائلات الكاثوليكية الثرية، إذ يملكون البساتين في حي القملة في صيدا. ولم يبق في المدينة سوى جان رفلي صاصي، أما باقي أفراد العائلة، فنزح القسم الأكبر منهم إلى بيروت، وذلك رغبة في تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية، وهاجر قسم منهم إلى مصر خلال الحرب العالمية الأولى طلباً للطمأنينة والحرية التجارية.

وتضم مدينة صيدا 42 موقعًا من المعالم السياحية الأثرية، منها متحف الصابون (مؤسسة عودة)، متحف "قصر دبانة"، و"خان الإفرنج" الذي كان يشكل مكان استراحة الرحالة والتجار الغربيين.