شخصية مثابرة، طموحة، ومعطاءة. يحرص دائما على خدمة وطنه وأبنائه، كما يسعى الى تطوير ذاته، من أجل مشاركة خبراته مع مجتمعه ومحيطه!

يظهر العطاء الذين يبذله من وقته وجهده وموارده، في صورة مساعدات ومبادرات اجتماعية، من شأنها إعطاء قيمة مضافة لكل من المانح والمتلقي.

فلنتعرف أكثر الى مؤسس جمعية "شعبي مسؤوليتي" ومبادرات "وطني"، عفيف عياد، في هذه المقابلة الخاصة مع موقع "الاقتصاد":

كيف انطلقت المسيرة ومتى؟

بتاريخ 4 كانون الأول 2019، أطلقنا مبادرة "شعبي مسؤوليتي" الفردية، بالتعاون مع شبان وشابات من المناطق اللبنانية كافة. الهدف منها تحسين ​الوضع الاقتصادي​ والاجتماعي لأكبر عدد ممكن من المواطنين اللبنانيين المحتاجين، عبر حملات فعالة، ومنها حملة "محبة"، "​علم​ وثقافة"، "توعية".

حملة "محبة" كانت تتضمن ​المواد الغذائية​، ومستلزمات ​التدفئة​، ومنتجات النظافة. وحملة "علم وثقافة" تهدف الى تطوير مهارات اللبنانيين وتحسينها، عبر إعطاء الصفوف عن كيفية استخدام "word" و"powerpoint" و"excel"، وغيرها. إضافة الى كيفية إدارة الوقت، وكتابة السيرة الذاتية، والبحث عن وظيفة،... أما بالنسبة الى حملة التوعية، فصدف الأمر أنها جاءت في زمن وباء كورونا، وبالتالي تمحورت حول هذا الموضوع بالتحديد.

فعندما كان الناس في منازلهم، كنا في الميادين منذ اليوم الأول. وهدفنا القاء إلى جانب المواطن اللبناني.

كيف تطورت هذه المبادرة وتحولت الى مشاريع "وطني"؟

مع مرور الأيام، اكتشفنا ضرورة خلق مشاريع الاستدامة، اذ لا يمكن الاستمرار بالمساعدة فحسب. فاتجهنا نحو ما هو واقعي أكثر، وذات أساس منتظم. ومن هنا ولدت "Watani".

"Watani" هي علامة تجارية تتضمن "Zera3it Watani"، و"Tourath Watani"، و"Mounit Watani"، و"Siya7et Watani". وجاءت لتكون الجانب التجاري من مبادرة "شعبي"، التي باتت اليوم منظمة غير حكومية.

"Zera3it Watani" تهدف لتعزيز الزراعة الحضرية (urban agriculture)، وتشجيع الزراعة في المدن؛ أكان على النوافذ والسطوح، في ​الأحواض​،... وذلك لكي يشعر هؤلاء الأشخاص أنهم جزء من المبادرة الوطنية الداعية الى تشجيع الزراعة والصناعة المحلية، رغم افتقادهم الى الأراضي الزراعية.

وبالتالي، انطلقت حملتنا وبات لدينا اليوم حوالي 5000 متابع على موقع "​إنستغرام​"، كما بعنا أكثر من 3000 شتلة على صعيد المدن، وساعدنا بذلك على تشغيل الدورة الاقتصادية. فنحن لا نستطيع الاكتفاء بتقديم المساعدة فحسب، بل علينا البدء بعملية التشغيل، ومن هنا، فإن هذه المبادرة مفيدة من ثلاث نواح:

أولا، نحن نشتري الشتول والبذور من المزارعين، وبالتالي نستهلك إنتاجهم.

ثانيا، يرزع الناس الخضار والفواكه في المنزل، ليوفروا بذلك بعض التكاليف في ظل الأعباء الاقتصادية الكثيرة.

ثالثا، توظف هذه المبادرة شبان لبنانيين يتقاضون رواتب شهرية. وبالتالي، تمكنا من خلق فرص عمل جديدة.

ولا بد من الاشارة الى أنه عند شراء أي شتلة من "Zera3it Watani"، سنقدم بدورنا شتلة الى شخص محتاج. وبالتالي، فإن هذه المبادرة هي بمثابة دورة، وتشكل مكسبا للجميع!

"Tourath Watani" تتضمن علامة تجارية خاصة، سوف نستهلها في الصابون؛ حيث سنقدم صابون وطني لبناني أصيل، بالتعاون مع "خان الصابون" في الكورة.

ولقد تمكنا من توظيف عدد من اللبنانيين، للعمل على هذا المشروع من الصفر.

أما من خلال "Mounit Watani"، فنحن نحصل على المونة من كل المناطق اللبنانية، من أجل إيصالها الى أكبر عدد ممكن من الناس. فهناك العديد من الأشخاص الذين يقدمون منتجات معينة، لكنهم لا ينجحون في تسويقها؛ وهنا يأتي دورنا، من أجل تشجيعهم ومساعدتهم على تأمين المداخيل لأسرهم.

"Siya7et Watani"، تقوم على تشجيع ​السياحة​ الداخلية. فاللبناني اليوم لن يتمكن من السفر لفترة من الزمن، ولهذا السبب عليه الاستفادة من هذا الوقت للتعرف الى وطنه.

ومن هنا، سوف نطلق برامج ونشاطات بشكل يومي، كما سننظم في عطلات نهاية الأسبوع خلال فصل الصيف، رحلات الى كل المناطق اللبنانية، من أجل زيارتها، وتذوق مأكولاتها، والتعرف الى طبيعتها وسكانها،... وذلك لكي نكتشف بعضا البعض ونتقرب أكثر من بعضنا البعض.

فنحن نسعى الى تقصير المسافات بين المدن والبلدات اللبنانية، وكسر الحواجز المناطقية والطائفية، واكتشاف جمال بلدنا.

مِن مَن يتألف فريف العمل الناشط في "شعبي مسؤوليتي" و"وطني"؟

يتألف فريق العمل من 110 متطوعين في جمعية "شعبي". وهؤلاء أيضا، هم من ساهموا في إطلاق مبادرات "وطني".

ولا بد من الاشارة الى أن المتطوعين هم أشخاص عاطلون عن العمل، لكنهم يمتكلون إرادة صلبة للتطور في الحياة، بالإضافة الى إمكانات وقدرات وكفاءات عالية، تؤهلهم للحصول على أفضل المناصب.

كيف تقيم التفاعل الذي تلاقيه مبادراتك من الناس؟

نحن نستعين بوسائل الإعلام وبمواقع التواصل الاجتماعي من أجل الوصول الى أكبر عدد ممكن من الناس. ولحسن الحظ، نلاقي تفاعلا واسعا منهم.

وحتى أن مبادرة "وطني" باتت اليوم بمثابة "trend" بين المتابعين!

كيف تجد الوقت الخاص لنفسك ولعائلاتك في ظل مشاريعك المتنوعة؟ ولماذا قررت تكريس ذاتك ووقتك لخدمة هذه المشاريع؟

لا توجد حياة خاصة في ظل كل هذه المبادرات، لكن هذا واجبي الوطني والإنساني. فكرامة الإنسان في بلده وأرزته، قبل أي شيء آخر!

نحن ثوار وأبطال المجتمع المدني، ولقد أطلقنا مشروعنا بعد 17 تشرين، لكي نؤدي واجبنا الوطني. لا يجوز أن نستمر بالكلام والصراخ والتنظير والمناكفات، بل علينا تقديم مشاريع إنمائية وتطويرية، تعكس المواضيع والمشاكل الواقعية التي نعيشها فعليا على الأرض. وذلك لنشهد بالفعل، على تغيير ملحوظ في البلد، منبثق من روح ​الشباب​.

فأنا صاحب شركة استشارية، واستملت منصب مدير للمبيعات والتسويق في ​السعودية​، كما عملت قبل ذلك مع عدد من ​الشركات العالمية​. وبالتالي، اذا لا يجوز أن أترك هذه خبراتي لنفسي فقط، بل علي مشاركتها مع زملائي في الوطن، من أجل تطويره وتحسينه.

كيف تعاملتم مع أزمة وباء كورونا في الأشهر الماضية؟

نحن مسوّقون (marketers)، وبالتالي نبحت عن الفرص في مثل هذه الأوقات. ففي زمن الأزمات، يبدع المسوّق، لأن الأزمة تدفعه للتحلي بالمزيد من الإبداع.

ولكن الناحية الإيجابية من كل ذلك، أن الوضع الذي نعيشه اليوم، في ظل وباء كورونا و​الأزمة الاقتصادية​ والاجتماعية، قد دفع بمعظم الشابات والشبان اللبنانيين الى استخدام قدراتهم الفكرية، وإعادة التفكير في مسيراتهم، والنهوض عن كراسيهم، من أجل القيام بما هو مفيد!

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

سوف نكمل بالطبع هذه المسيرة التي بدأناها. ونحن نعمل حاليا على افتتاح "كعكة وطني"، إضافة الى تأمين مساحات مكتبية، لكي يتمكن أصحاب ​الشركات الناشئة​ والمشاريع الصغيرة من الحصول على أماكن لتسيير أعمالهم.

ما هي الرسالة التي تود إيصالها؟

لا نستطيع الاستسلام اليوم، بل علينا حذف هذه الكلمة من قاموسنا!

نحن نعيش واقعا صعبا، وبالتالي علينا العمل على تخطي هذه المرحلة من أجل الاستمرار في ما نقوم به. لا يمكن لأحد محاربة الفساد والظلم، دون أن يحصل على قوته اليومي.

لا تستسلم وتقرر ملازمة منزلك، بل على العكس، انهض عن كرسيك، فكّر، ضع الخطط، لكي تخلق بنفسك فرص العمل، ولا تضطر للبحث عنها هنا وهناك. فنحن نعيش في عالم يفتقد الى الوظائف، وعلى كل واحد منا خلق فرصته الخاصة بيديه.

من ناحية أخرى، لا يجوز أن يعمل الإنسان، أو يؤسس أي مشروع لنفسه فقط، بل عليه إفادة مجتمعه أيضا؛ فكل شيء هو لي ولغيري أيضا. ومن هنا، يجب على اللبناني اليوم أن يفكر بغيره وليس بنفسه.

شارك مهاراتك، شارك معرفتك، وتخلى عن الأنانية. فنحن في بلد يعاني من انقطاع التواصل بين الدولة والشعب، وبالتالي، لم يعد لدينا سوى بعضنا البعض!