أعظم المشاريع دائماً، تلك التي تنصب فيها الجهود على مساعدة الغير. ودائماً ما تكتسي هذه المشاريع، صفة التضحية بأبعادها المتشعبة.

وانطلاقاً من تجربة خاصة، وصعوبات واجهتها في الحياة، تسرد فرح نصر الله كيف انطلقت في تأسيس جمعية خاصة، مهمتها معالجة أزمات ومشاكل.

وجّهت الخريجة باختصاصات: "محاسبة وتدقيق" و "البنوك والتمويل" و​الموارد البشرية​، كل إمكاناتها لمساعدة الطلاب على اختيار اختصاصاتهم الجامعية، وتنمية قدرات الطلاب الجامعيين، للتفوق في ميادين العمل.

وكان لـ "الاقتصاد" مقابلة خاصة مع فرح نصر الله للحديث عن جمعيتها:

كيف بدأت فكرة الجمعية ؟

"باعتباري طالبة في ​الجامعة اللبنانية​، كنت أرى العقبات التي تعترضنا كطلّاب، وعلى رأسها غياب التوجيه ودعم الطلاب قبل الدّخول إلى الجامعة، وعدم وجود دراسة للسّوق توجه الطالب لاختيار الاختصاص الأمثل، الذي يتوافق مع إمكانياته ومتطلبات السّوق، ونظراً لما أسلفت، باتت اختصاصات الطب والصيدلة والهندسة والمحاماة، الأكثر إقبالاً في الجامعات."

الجمعية تعمل على هذه المواضيع، فمنذ السنة الأولى الجامعية اكتشفت هذه المشكلة في مجتمعنا، وأردت أن أتدارك الوضع.

القضية تكمن في أنه، لا يجب على الشخص أن يصل إلى التخرّج حتى يكتشف أن اختصاصه غير ملائم لسوق العمل.

ما هو نوع الاستثمار الذي تقومين به؟

"إنه أجمل نوع من الإستثمارات، إستثمار في الإنسان ليكون منتجاً. وأنا عند دخولي إلى الجامعة كنت في عمر صغير (16 سنة)، لم يكن يوجد أي توجيه لطالب أنهى المدرسة، فتوّجهت إلى المحاسبة في كلية إدارة الأعمال، وعند البدء بهذا التخصص، وجدت أنني بعيدة كل ​البعد​ عنه، وقلت أنني لا أريد أن أتوقف وذلك بعد عامين من بدء دراستي الجامعية، وأردت نيل الإجازة الجامعية، والتوجه لسوق العمل.

وعندما عملت بهذا التخصص، وبعدها في مجال الموارد البشرية، جذبني توجّهي، ووجدت أنني أريد أن أربط بين ما أحب وأدرس وتوجهت نحو الموارد البشرية.

  1.  

والاختصاصات 3 التي درستهم أعمل فيهم حالياً."

الجمعية مسجّلة؟ ومتى أُطلقت؟

"نعم بالتأكيد، هي جمعية مسجّلة، بدأت إجراءات التسجيل في 2016، ولكن المرسوم صدر في شباط 2018، ومركز الجمعية في طريق المطار، واسم الجمعية الرّسمي "موارد كامنة"."

كم عدد المستفيدين اليوم بعد هذه المدة القصيرة من عمل الجمعية ؟

"خلال عام ونصف فقط، استفاد من هذه الجمعية أكثر من 60 شخصاً."

ما العقبات التي تواجه الجمعية ؟

"عندما بدأت الجمعية، كانت بمجهود شخصي وكنت ولازلت لا أريدها جمعية ربحية، وكل الدفعات كانت من ​مالي​ الخاص.

ولكن وصلت إلى مكان يصعب فيه الإستمرار بعدم وجود تمويل، نتيجة التكاليف الثابتة.

الهدف هو استمرار هذا العمل ومساعدة الطلاب، الأكثر حاجة، وركزت على طلاب الجامعة اللبنانية، وطلاب المدارس الرّسمية، وطلاب المدارس شبه المجانية. وهؤلاء الطلّاب مثلاً، ليس باستطاعتهم تحمّل أي تكلفة، مهما صغرت، وهدف الجمعية أصلاً، كان مساعدة هؤلاء الطلّاب لا تكليفهم.

وهنا جاءت فكرة أنه نفس هذه التدريبات لهؤلاء الطلاب، تجرى بأسعار شبه مجانية متدنية، لطلاب جامعات خاصة ومدارس خاصة.

وهنا نعمل على دفع التكاليف التدريبات، من خلال تمويل طلاب قادرين على دفع مبالغ رمزية.

هل وصلتِ إلى أهدافِك؟

"للأسف، تأخر الموضوع، وهدفي بالأصل كان التركيز قدر المستطاع على الجامعة اللبنانية، وأنا تخرجت من هذه الجامعة وعندما أردت معاودة دراسات عليا في 2019 أي هذا العام، وجدت للأسف أن الوضع أصبح أكثر سوءاً، وتواصلت مع أشخاص من مجلس طلاب الفرع لجمع الطلاب، والبدء بدورات تساعد الطالب في دراسته وفي سوق العمل، ولكننا اصطدمنا ببدء الإضراب في الجامعة اللبنانية، وتلتها عقبات حالت دون البدء بأي خطوة فيما يخص الجامعة اللبنانية."

هل عدّلت أهدافك اليوم ؟ وما الذي تسعينِ إليه في هذه الظروف؟

"الهدف اليوم هو أن هؤلاء الطلاب الذين ليس لديهم أي أحد وإرشادهم وتوجيههم نحو الإختصاص الأمثل في الجامعة، وأن يستطيعوا إيجاد عمل بعد التخرّج، أن نستطيع أن نعطيهم هذه المعلومات والتوجيه، من خلال دراسة السوق التي نجريها.

أما الطالب الذي بدأ باختصاصه، فالهدف هو تدريبه على المهارات التي تساعده في إيجاد والتفوق في مجال العمال.

واليوم الفارق واضح بين الطلاب من جامعات مختلفة، وهناك فروقات كبيرة، وهدفي إزالة هذه الفوارق، ليستطيع الطالب فور دخوله سوق العمل، التواصل والعمل بكل ما يلزم حتى يتفوّق.

والطالب في الجامعة اللبنانية، ذكي ومثابر، ولكن ينقصه الدعم ليتفوق."

حل حصل أي تواصل أو دعم رسمي للجمعية ؟

"هذا ما نأمله، وخاصة أنني سجّلت الجمعية، لتكون كياناً رسمياً معروفاً، يمكن لأي شخص أو أي جهة رسمية التواصل معه.

وزارة التربية لم تتواصل معي بهذا الخصوص، وأخطط للتواصل مع الجامعة اللبنانية، ولكن بحسب ما قيل لي، فإن هناك قسماً في الجامعة اللبنانية يشبه ما أقوم به ولكن هذا القسم غير معروف، لا من قبل الطلاب ولا الخريجين."