ظهر حبها للأعمال اليدوية منذ نعومة أظافرها، لكنها قررت الاحتفاظ بهذه الهواية، لنفسها ولمحيطها القريب، على مدى سنوات طويلة، بسبب انشغالاتها الأكاديمية، المهنية، والعائلية.
ورغم ذلك، لم تتخل يوما عن هذا الشغف، بل واظبت على تطويره، وإشراك أولادها فيه أيضا. فقررت، منذ حوالي سنة، أن توقظ ذلك الحلم الذي دفنته بين طيات الأيام والسنوات. ولم تسمح للضغوط بالوقوف عائق أمامها، بل أدركت مهارتها، حددت هدفها، وخاضت المغامرة.
فلنتعرف أكثر الى مؤسسة "Knit Knot"، نسرين نجم، في هذه المقابلة التي خصّت بها موقع "الاقتصاد":
من هي نسرين نجم؟
تخصصت في الصيدلة، وأنا أعمل في هذا المجال منذ عام 2005، لكن هواية الأشغال اليدوية، رافقتني منذ الطفولة.
وخلال السنة الجامعية الثانية، شاركت في دورة نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية، لتعليم الحرف. ومع ذلك، تخليت في تلك الفترة، عن هذه الهواية من الناحية العملية، مع العلم أنني استمريت في تعديل بعض الأمور في المنزل والجامعة، كما كنت أصنع الهدايا للزملاء والأصدقاء.
وبعد التخرج، تزوجت وركزت كامل اهتمامي على المنزل، والأمومة، والصيدلية. وبعد أن تقدمت ابنتاي قليلا في السن، وجدت نفسي قادرة على تخصيص بعض الوقت لهوايتي في تنفيذ الأعمال اليدوية. كما أن الأشخاص من حولي، شجعوني على عرض هذه الهواية الى الجمهور.
منذ حوالي سنة، قررت اتخاذ خطوة جدية على هذا الصعيد، فأطلقت حسابا خاصا على "انستغرام" و"فيسبوك"، تحت اسم "Knit Knot"، أشارك من خلاله صورا للحلويات التي أصنعها لعائلتي، وأنشر في الوقت ذاته، الحرف اليدوية المخصصة للبيع.
ومن خلال "Knit Knot"، أسعى الى تشجيع الناس على إعادة التدوير، وإعادة استخدام بعض المواد الموجودة في المنزل، من أجل تقديم التحف فنية.
ولا بد من الاشارة، الى أنني أشرك أولادي في هذا المشروع، لأن النقطة الأساسية منه، تكمن في تعريف الأولاد الى الأعمال اليدوية؛ اذ نسعى الى إبعاد هذا الجيل قليلا عن الأجهزة الالكترونية.
كيف تنجحين في التنسيق بين الصيدلية، "Knit Knot"، وواجباتك العائلية والاجتماعية؟
الضغوط كثيرة حتما، ولكن عندما ألتمس النتائج الإيجابية، وأرى مدى تفاعل الناس مع أعمالي، أتشجع على الاستمرار.
فعملي الأساس هو في الصيدلية، في حين أن "Knit Knot" مخصص لفترات ما بعد الظهر والمساء.
كما أن دوامي في الصيدلية خلال العام الدراسي، هو قبل الظهر. أما خلال فصل الصيف، فأعمل بعد الظهر لكي أتواجد قدر الإمكان مع أولادي.
كيف تصفين الإقبال على "Knit Knot" من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي؟
التفاعل كبير عبر مواقع التواصل، ولكن بسبب الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان، أعمد الى تقديم القطع ذات التكلفة المنخفضة لكي تناسب جميع الأشخاص؛ ففي بلدنا، للأسف، تحكمنا الميزانية دائما.
ومن خلال خدمة التوصيل التي نقدمها، تمكنا من الوصول، من صور، الى مختلف المناطق اللبنانية؛ وهنا تكمن أهمية هذه المواقع، التي تربطنا بأي شخص، أينما وجد.
ولا بد من الاشارة، الى أن مشروعي ليس تجاريا على الإطلاق. فمن اشترى من منتجات "Knit Knot"، قد لاحظ حتما مدى الصدق الموجود في كل قطعة؛ فأنا أقدم أفضل ما لدي، وكأنني أصنع القطعة لنفسي.
وبالتالي، من خلال المحبة والمهنية، نقدم نتيجة رائعة، وتصاميم تتميز بالصدق والاحترافية.
هل تعانين من مشكلة التقليد والنسخ بسبب الصور المنشورة عبر المواقع الاجتماعية؟
نعم بالطبع، وفي بعض الأحيان، أشعر بانزعاج كبير من هذا الموضوع. ولكن بعد ذلك، أعود للتفكير بأن لا أحد يستطيع إعطاء الروح الفريدة، التي أقدمها بنفسي في كل قطعة من "Knit Knot".
فمن يقلّد وينسخ أفكار غيره، سيعاني دائما من النقص، لأنه لن يفهم أبدا عقلية المصمم، والفكرة الأساسية التي يريد إيصالها.
ولكن من الناحية الإيجابية، تساعدني هذه المواقع على نشر أفكاري وقطعي بين الناس.
ما هي الاستراتيجية المتبعة من أجل مواجهة المنافسة الواسعة الموجودة في الأسواق؟
بسبب عملي الأساس في مجال الصيدلة، لا أفكر في "Knit Knot" من ناحية المنافسة، بل أعمل على تقديم الأفكار التي تشعرني بالسعادة والرضا النفسي.
كما أعتبر أن هذا المشروع هو بمثابة علاج مضاد للإجهاد والتوتر، حيث يساعدني على تخطي كل المشاكل والضغوط التي أعاني منها خلال النهار.
الى أين تريدين الوصول في المستقبل؟
سأستمر في العمل على "Knit Knot"، طالما أنني قادرة على ذلك. وأتمنى في المستقبل، الانطلاق نحو صناعة الأحذية والحقائب؛ مع العلم أن اليد العاملة المختصصة في هذا المجال، مفقودة للأسف في صور، وبالتالي، سأكون مضطرة للتوجه الى بيروت، لتحقيق هذه الغاية، في حين أن وقتي لا يساعدني، بين عملي، وهوايتي، وأولادي، ومسؤولياتي،...
هل تراجع الإقبال على شراء منتجات "Knit Knot" بسبب الأحداث الأخيرة الحاصلة في البلاد؟
لم ألحظ أي تراجع من ناحية التفاعل عبر الرسائل، لكن نسبة المبيعات تأثرت حتما. وفي الوقت الحالي، أسعى قدر الإمكان، الى تقديم القطع بأسعار معقولة، تناسب الميزانيات كافة.
فنحن لن نتوقف عن العطاء، وسنستمر مهما اشتدت الصعاب، خاصة لأن هذا المشروع، يعتبر بمثابة عمل جانبيّ، وليس مصدرا أساسيا للدخل بالنسبة لي.
ما هي النصيحة التي ترغبين في إيصالها الى النساء اللبنانيات؟
أتمنى أن تولي المرأة المزيد من الوقت والاهتمام لعائلتها، بالدرجة الأولى. كما عليها أن تبحث عن عمل يتيح لها إبقاء أولادها تحت جناحيها، لكي تصبح القدوة بالنسبة لهم.
يجب أن ننهض بالمرأة، الى مستوى أرقى من "القيل والقال"، وتضييع الوقت. وأعتقد أنني ألهمت بعض النساء من خلال تجاربي المهنية المختلفة، وحفزتهنّ على تحقيق أحلامهنّ.
فقد بدأت بتشجيع الأمهات على تخطي الخوف والخجل، وعرض أفكارهن الى العلن، وتشجيع أولادهن على مشاركتهن في ما يقمن به.
فأنا أشجع المرأة دائما، على تحقيق ما تريده، حتى ولو كانت تملك نصف ساعة من الفراغ يوميا فقط! فهي قادرة على تقديم الأفكار الجميلة، دون الحاجة للخروج من منزلها حتى، وذلك من خلال الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي. كما أنني مؤمنة بأن الله أعطانا يدان، لكي يخلقا ويبدعا، ويقدما كل ما هو جميل في هذه الحياة...