متشعّبة القضايا الإقتصادية التي يعيشها لبنان، في ضوء تطورات جديدة يومية، تضاف إلى الواقع الإقتصادي والمالي، تساهم في رفع حالة الترقب لما ستؤول إليه الحالة العامة.

وبعد أيام على قرار تصفية "جمّال تراست بنك"، يحل في لبنان ضيف "ثقيل"، وهو مساعد وزير ​الخزانة الأميركية​ لشؤون مكافحة ​الإرهاب​ و​تبييض الأموال​ مارشال بيلنغسلي.

24 ساعة يقضيها بيلنغسلي في لبنان، تتوجس من لحظاتها مصارف البلاد وتأمل مستقبلاً بعيداً عمّا آل إليه "جمّال تراست بنك".

وتبقى نتائِجُ زيارة الحريري إلى باريس من متشعبات القضايا الإقتصادية الوطنية، وعنوانها الأبرز "متى تصل أموال سيدر فيما تشخص الأنظار أيضاً، نحو زيارة الرئيس ميشال عون إلى ​نيويورك​، وما قد تحمله هذه الزيارة من تسهيلات لمعالجة ملف النازحين السوريين، وأموال لدعم لبنان لتحمل بعض الأعباء.

فماذا ينتظر لبنان من زيارة بيلنغسلي؟ وهل من مصارف جديدة ستطالها ​العقوبات​ ؟ وماذا عن تخفيض تصنيفات ​بنك عودة​ و​بيبلوس​؟ وغيرها من الأسئلة أجاب عليها المحلل المالي والإقتصادي د. بلال علامة في مقابلة خاصة مع موقع "الاقتصاد":

ماذا ينتظر لبنان من زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال مارشال بيلنغسلي ؟

"إن الواقع السياسي الذي نعيشه اليوم، هو مزيد من الضغوطات لمحاولة تجفيف أو تخفيف تمويل "​حزب الله​" لمحاولة خنقه.

وهذه السياسة تعتمدُها ​الولايات المتحدة​ وبعض الجهات والدول الأخرى، لمحاولة الضغط، لنيل مصلحة أو تحقيق شروط أفضل في المنطقة، وما رأيناه سابقاً وما سنراه حالياً هو مزيد من الضغط في هذا التوجّه.

الولايات المتحدة تستعمل هذه الأساليب للضغط ومن خلالها تفرض عقوبات على لبنان للضغط على "حزب الله".

أؤكد أن ​المصارف​ اللبنانية ومن خلال لجنة الرّقابة على المصارف و​مصرف لبنان​ و​جمعية المصارف​، جميعهم يطبّقون شروط "بازل" بحذافيره بأعلى مستويات ممكنة وأفضل نوعيّة في تطبيق الشروط، وبالتالي لا غبار على ​آلية​ عمل المصارف."

هل من مصارف ينتظرها مصير "جمّال تراست بنك" ؟

أعتقد أنه في المرحلة الرّاهنة، إستعمل الأميركيون قضية "جمّال تراست بنك" والأمور ستهدأ الآن. أما لاحقاً فإنه إذا اقتضى الأمر مزيداً من الضّغوط والعقوبات، فإنه إجراءات ​أميركا​ ستطال بنوكاً وأخرى.

وأشير هنا إلى قضية "​البنك اللبناني الكندي​" الذي حاز براءته الآن، ولكن بعدما تمت تصفيته وانتقل لمصلحة مصرف آخر، وفُرضت ضغوطات كبيرة عليه منذ عام 2010.

وبالتالي، فإن أي "بيان شبهة" من الخزانة الأميركية، غير مبني على وقائع، وغير مبني على إثباتات، يمكن أن يؤدي إلى تصفية أي بنك في لبنان.

ماذا عن تخفيض تصنيفات بنكي "عودة" و"بيبلوس" ؟

إن تخفيض تصنيف هذه المصارف، سواء "عودة" أو"بيبلوس" أو لاحقاً بنوكاً أخرى، مبني على واقع أن هذه المصارف أدانت الخزينة أكثر من اللّزوم، وبالتالي أصبحت بمرحلة خطرة.

وهذا يرتبط بواقع ​الإقتصاد اللبناني​، وبواقع الخزينة اللبنانية في حال عجزها عن سد هذه الدّيون.

وترى وكالات التصنيف أن هذه الأموال هي تخصُّ المودعين ويجب الحفاظ عليها، وعدم توظيفها بأي إطار خطر يمكن أن يؤدي إلى خسارة هذه الأموال.

أين أصبحنا من "سيدر" بعد لقاءات الحريري في ​فرنسا​ ؟

"أعتقد جازماً أن موضوع "سيدر" لم يتغير، وما زالت الشروط التي وضعها موفد فرنسا بيار دوكان هي ذاتها، وقد سمعها الرئيس الحريري من ​الرئيس الفرنسي​ بأنه يجب على لبنان إجراء الإصلاحات قبل المباشرة بأي طلب فيما يتعلق بالهبات أو بالقروض المتعلقة بـ "سيدر".

الجميع يخطئ هنا بأن "سيدر" يؤسس لأموال ستعطى للبنان، والصحيح أنها ​إستثمارات​ لمشاريع ​بنى تحتية​ وتأهيل، يمكن أن تحرك العجلة الإقتصادية، ولكن هذه الإستثمارات تستوجب من السلطة السياسية في لبنان والحكومة أن تقوم بسلسلة إجراءات إصلاحية ضرورية قبل البدء بأي تحويل لهذه الأموال.

وحتى الآن، الحكومة عاجزة عن القيام بإصلاحات جديّة، وما سمعه الرئيس الحريري من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه لم يتم الطلب من لبنان زيادة الضرائب، ولم يتم طلب خفض عجز الخزينة صوريّاً، بل طُلب من لبنان إصلاحات يجب القيام بها.

عرض ​السعودية​ مساعدة لبنان هل ستترجم ؟

الإعلان السعودي كان بمثابة نوايا، ولم توضع آلية حقيقية لتنفيذه. وهذا الأمر غير واضح حتى الآن حول كيفية نية السعودية مساعدة لبنان، وإذا كان الهدف الإستثمار في السندات اللبنانية، فهذا يؤسس لمزيد من الدين للبنان، خاصة أن البلاد اليوم تعاني خدمة ​الدين العام​ كأكبر المشاكل التي تواجه ​اقتصاد لبنان​.

الفوائد في لبنان مرتفعة جداً في الوقت الحالي، وقبل 15 يوماً جاءت وديعة من بنك "غولدمان ساكس" بقيمة مليار و 400 مليون دولار، ولكنها لم تعطِ مفعولاً حقيقياً أو إيجابياً، نظراً للنسبة 14% فوائد على سندات لبنان.

ما الذي ستحمله زيارة الرئيس عون إلى الولايات المتحدة من فائدة اقتصادية للبنان ؟

أنا أعتقد أن لقاءات رئيس الجمهورية ستكون بروتوكولية وشكلية في نيويورك مع قادة الدّول، وتبقى مطالبة الرئيس فيما يخص ملف النازحين اللبنانيين الذي يشكّل عبئاً ثقيلاً على الإقتصاد اللبناني، وضغطه لإجبار الدول على الوقوف جانب لبنان لمعالجة قضية النازحين السوريين، خاصة في ضوء معاناة اللاجئين الفلسطينيين وتخفيض ​موازنة​ ​الأونروا​، وما ينعكس ذلك من ضغوطات إضافية على الواقع الإقتصادي اللبناني.