يتمنى الجميع خدمة المجتمع بهدف الوصول الى غد أفضل، لكن معظمهم لم يأخذ المبادرة، ومن المرجح أن لا يأخذها أبدا!

في حين أن رائد الأعمال ال​لبنان​ي ابراهيم فقيه، قرر أن يسعى وراء شغفه من أجل تحقيق التغيير الإيجابي المنتظر، وأن يضع بصمته في هذا المجتمع، وذلك من خلال تقديم مشروع صحي ورقمي، من شأنه رفع مستوى خدمات ​الرعاية الصحية​ في البلاد. ومن هنا، سخّر علمه وخبرته، وكرّس وقته وجهوده للنهوض بواقعه.

للتعرف أكثر الى مسيرة مؤسس "TrakMD"، ابراهيم فقيه، كان لـ"الاقتصاد" هذه المقابلة الخاصة معه:

من هو ابراهيم فقيه؟

حصلت على إجازة في التمريض وماجستير في إدارة الخدمات الصحية من "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB". كما ​نلت​ شهادة في المعلوماتية الصحية، خلال مرحلة ما بعد الماجستير، من "جامعة كولورادو" في ​الولايات المتحدة​.

في بداية المسيرة، عملت في مجال التمريض، وتحوّلت بعد ذلك الى عالم ​تكنولوجيا المعلومات​ المتخصصة في الرعاية الصحية، حيث تعاونت في هذا الإطار مع العديد من الشركات متعددة الجنسيات.

في تشرين الأول 2017، أطلقنا "TrakMD"، وأقمنا حينها حملة تستهدف الأطباء، لكي نكوّن قاعدة كافية من المعالجين المتوفرين عبر المنصة. أما عام 2018، فنظمنا حملة أخرى مع الأطباء، وشاركنا في عدد من المؤتمرات، كما عمدنا الى زيادة حجم فريق العمل الذي يتواجد على الأرض للتواصل مباشرة مع الأخصائيين.

ومؤخرا، في تموز الماضي، أقمنا حملة متخصصة بالمرضى المحتملين؛ فقد وصلنا الى مرحلة شعرنا فيها أن نظامنا بات ناضجا ومدروسا وثابتا، بما فيه الكفاية، ليصبح متوفرا للجمهور، ولكي يبدأ الناس باستخدامه بشكل فعلي.

ولا بد من الاشارة، الى أن هذا المشروع اعتمد على التمويل الذاتي في البداية، وبعد فترة، حصلنا على شريك قدم لنا يد العون. أما في الوقت الحاضر، فنحن نبحث عن مستثمرين من أجل استكمال المشروع وتطويره.

من أين جاءت فكرة "TrakMD"؟

انطلقت الفكرة من تجربة شخصية، اذ تعرض والدي الى ارتفاع حاد في ضغط الدم، وصل الى مستويات خطرة. وبسبب حصول هذا الحادث يوم الأحد، أصبنا بحالة من الذعر والهلع، وواجهنا صعوبة في إيجاد ​طبيب​ جيد بشكل سريع.

ومن هنا، قررت حينها تطوير تطبيق خاص ب​الهواتف الذكية​، يتيح البحث عن الأطباء القريبين، بناء على التخصص، نوع الاستشارة، وغيرها من المعايير. اذ أن "TrakMD" يقدم للمستخدمين فرصة البحث عن طبيب وحجز موعد معه في اليوم ذاته، وبكبسة زر واحدة. كما أنه عبارة عن منصّة متطوّرة تتيح للمرضى الوقوف على تفاصيل صحّتهم ومتابعتها عن كثب.

وجدنا أن هذه الفكرة غير موجودة في الأسواق، وبالتالي قررنا تطويرها لكي تصبح منصة لإشراك المريض مع الطبيب. فنحن نهتم بالمرضى من الألف الى الياء، ونبني من خلال الرقمنة، رابطا قويا ما بين الطرفين؛ أي أن "TrakMD" سيسهل على الطبيب التواصل مع مريضه، في ما يتعلق بالمواعيد، الفحوصات، التثقيف الصحي، الخطة العلاجية،... كما سيكون بمثابة السجل الصحي الشخصي للمريض ولعائلته أيضا.

ونسعى في الوقت الحاضر، لتحقيق المزيد من التطور في المنصة، ليصبح المريض أكثر دراية وانخراطا في المواضيع المتعلقة بصحته، وذلك لكي يتواصل مع الأطباء بطريقة واضحة وناشطة وفعالة.

هل تلاقي "TrakMD" الإقبال المتوقع منها؟ وهل يتقبل اللبنانيون التحول من الطرق التقليدية الى الطرق الرقمية، خاصة في ما يتعلق بالرعاية الصحية؟

هذا الأمر يشكل تحديا كبيرا، لكننا نؤمن بأن الناس سوف يتجهون أكثر فأكثر، ومع مرور الأيام، الى الرقمنة.

ففي البداية، واجهنا بعض الصعوبة، ولكن بفضل التحول الرقمي الحاصل في مختلف دول العالم، تغيرت رؤية ​المستهلك​ وسلوكياته، وبالتالي بات موجها أكثر نحو الأجهزة والهواتف الذكية؛ وبالتالي نراهن على أن غالبية الأشخاص سيعتمدون الحلول الرقمية في المستقبل القريب.

ومن خلال الحملة التي أطلقناها في تموز الماضي، لاحظنا أرقاما واعدة جدا، اذ لدينا أكثر من 50 ألف عملية تحميل للتطبيق، والعدد يتزايد يوما بعد يوم. كما أن أكثر من 2000 شخصا يزورون موقعنا الالكتروني يوميا، إضافة الى عدد كبير من المواعيد التي يتم حجزها من خلال منصتنا.

فالأمور تتطور وتتحسن، وسنواصل العمل لتحقيق رؤيتنا، التي تتمثل في أن تصبح "TrakMD" البوابة الرئيسية للحجوزات الصحية في لبنان.

ما هي الصفات التي ساعدتك على النجاح في عالم ​ريادة الأعمال​؟

أولا، المجازفة والمخاطرة.

ثانيا، الصبر والمثابرة.

ثالثا، الفعالية والديناميكية.

رابعا، اليقظة والحذر.

أخبرنا عن أبرز الصعوبات التي تواجهك خلال العمل في لبنان؟

عندما يطلق رائد الأعمال اللبناني مشروعه، أو يؤسس شركته الناشئة، لا يحصل للأسف على أي تشجيع أو دعم من الدولة والمؤسسات الرسمية، بل من ​القطاع الخاص​ فحسب، وبالتالي نفتقد الى النظام الإيكولوجي الداعم للمشاريع الناشئة.

كما أن التعامل مع الأطباء لم يكن سهلا على الإطلاق، وذلك لأن معظمهم لا يتبنى بشكل أساسي الحلول التكنولوجية، ولا يعتمد السجلات الطبية الالكترونية، وبالتالي يستعينون بالورقة والقلم فقط.

وبالتالي واجهنا العديد من التحديات، ولولا تحلينا بالصبر والإصرار، لما تمكنا من استكمال المسيرة.

هل تلقيت الدعم من المحيط عندما قررت القيام بخطوة تأسيس "TrakMD"؟

نصحني البعض بعدم اتخاذ هذه الخطوة، بسبب التخوف من مستقبل التكنولوجيا الرقمية في لبنان، في حين أن البعض الآخر شجعني على ذلك.

ولكن اليوم، تغيرت النظرة، اذ بات وضعنا أفضل من ما كان عليه في الماضي، وبالتالي التمسنا ردات فعل إيجابية جدا من المحيط.

كيف تلخّص مشاريعك المستقبلية؟

نسعى الى تحقيق رؤية معينة من خلال "TrakMD"، اذ أن هذا المشروع سيكون مفيدا لنا ولمجتمعنا أيضا، وذلك لأنه سيؤمن الرعاية الصحية بشكل أفضل وأسهل، وأكثر كفاءة. كما سيسهم في تحسين رضا المرضى، وتوفير الوقت وتنظيم القطاع.

ما هي نصيحة رائد الأعمال ابراهيم فقيه الى جيل الشباب اللبناني؟

أنصح الجميع الابتعاد عن الخوف، وذلك لأن كل شخص منا قادر بنفسه على صنع الفرص وخلق الإمكانيات.

أقول للشباب: "لا تحدّوا من قدراتكم، ولا تخافوا من الفشل بل تعلّموا منه... عليكم أن تحبّوا الفشل لكي تتطوروا وتصبحوا أفضل".

ففي نهاية المطاف، سيحقق النجاح كل شخص يتحلى بالشغف والإصرار والصبر. وعندما نخاطر بشجاعة، ستفتح أمامنا أبواب عدة لكي نصل الى أبعد الطموحات!