منطلقاً من حب المعرفة والحشرية العلمية يتحدث المخترع الدكتور ناجي كعدي عن آخر ​براءة اختراع​ نالها.

بكلِّ حيوية ونشاط يجيب الدكتور كعدي عن كل ما يختص بالعلوم التي درسها ونال فيها براءات اختراع جعلتهُ من أصحابِ قصص النجاحِ ووضعته في خانة "ال​لبنان​يين المبدعين".

يلخص كعدي أهدافه بأربعة: زيادة المعرفة، وحب الإبتكار، وإفادة الناس، إضافة إلى حماية والمحافظة على الطبيعة.

الباحث في علوم ​المياه​ السطحية والجوفية يمضي أعوامه مفتشاً على براءاتٍ جعلت منه في سنِّ الشبابِ مخترعاً لبنانياً جال اسمه في فضاءات الداخل والخارج.

أخبرنا قليلا عن "الاختراع" .. وما هو الجهاز الذي أطلقته؟

ابن بلدة رياق والأستاذ الجامعي، يشرح عن اختراعه الذي يقيس ساعات الأيام المشمسة والساعات التي تحجب فيها غيوم الشمس.

"هذه الآلة موجودة بعدة مسميات وأكثر من نظام"، يقول كعدي، إلا أن ما أنتجه الدكتور يعمل بمبدأ مغاير.

فهذا الإبتكار بحسب الدكتور المختص بعلوم المياه يستند إلى طريقة جديدة لقياس عددِ ساعات الشمس وساعاتِ الغيوم في منطقة معينة حيث أن الجهاز يتميزُ بدقتِه الكبيرة وقدرته على معالجة المعلومات بنفسه، من دون الحاجة لنقلها إلى مكان آخر للتحليل، على عكس الآلات الأخرى في هذا المجال، إذ إن هذا الجهاز الجديد أدى الى اختصارِ المراحلِ للحصولِ على النتائج.

وإضافة إلى سهولة المعالجة تضافُ "الدقة الكبيرة" إلى النتائج للمميزات الإضافية لهذا الجهاز.

ما الذي دفعك للعمل على هذا المشروع الذي توصلت عبره إلى هذا الإختراع ؟

تتشعب هنا إجابات الدكتور كعدي: فيؤكد أن "السبب الأساسي لأي ابتكار هو حب كل جديد أما الدافع فهو الحشرية العلمية".

وبحكم العمل في علوم المياه يروي كعدي شغفه للوصول لكل جديد في هذا المجال.

فيزيد شرحاً عن المشروع ويقول: "استغرقت العمل على اختراعه سنتين، الآليات الأخرى مثل ​الأقمار الصناعية​ التي لا يمكنها الدخول إلى منطقة صغيرة، وتحليل معلوماتها يحتاج إلى وقت، أو ​آلية​ طابة الزجاج وتحت ورقة التي تحتاج إلى وقت، وقد تتأثر بعوامل المناخ وهي ليست ملائمة بشكل كاف، لكن ابتكاره يعمل بآلية جزء من الثانية ويعالج المعلومة ويخزنها.

هل تم تصنيع الجهاز كاملاً في لبنان ؟ وكيف تمكنت من تأمين التمويل اللّازم للمشروع ؟

"لبناني هذا الجهاز من (الألف إلى الياء)"، بكل فخر يقولها الدكتور كعدي ويضيف: "عامان من العمل الدؤوب والأبحاث والتصاميم سبقت الإختراع، الإبتكار يحتاج إضافة إلى المعرفة، العمل الدؤوب، وهاتين النقطتين تتوفران في لبنان لذلك لا يعصب على أي لبناني الإبتكار والإختراع.

أما عن التمويل فيقول الدكتور كعدي: "هو مال خاص، الإختراع لا يحتاج إلى ثروة لكنه بطبيعة الحال يحتاج تمويلاً لتغطية ثمن المعدات والأبحاث".

ويضيف مفتخراً: "إنني أستاذ جامعي وكل ما أدخره أضعه في مجال الإبتكار، والتمويل شخصي مرتكز على معاشي الشهري".

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك في هذا الإختراع وغيره من الإبتكارات ؟

طريق الإختراع ليست معبدة بالحرير، يؤكد الدكتور كعدي، فأبرز العقبات التي واجهها تكمن في الصعوبات المادية وكيفية إنجاز هذا المشروع وتغطية تكالفيه، ولعل هذه النقطة تعد إنجازاً بحد ذاته.

ويشرح الدكتور كعدي عن الصعوبات ويؤكد أن استنباط الأفكار للوصول إلى ابتكارات تعد الأصعب، وهذه النقطة هي ما تميز المخترع عن غيره، وهي التي تعطيه لقب مبتكر لأشياء جديدة قد تفيد الإنسان أو الطبيعة.

نصيحة للشاب...

يأسف الدكتور الشاب للحال في لبنان ويقول: "تغيب لدينا المعاهد التي تُعنى بالتطوير والإختراع، وتندُرُ المؤسسات التي تمول الإبتكار والإختراع لكن الشباب اللبناني مطالبٌ بالميل نحو التقدم، وعليه توجيه تفكيره الدائم نحو الإبداع، فهو الوحيد القادر عن التطوير، والمطلوب إرادة شابة طموحة تهدف للتفوق.

ما هي أهم مشاريعك المستقبلية ؟

لا يختصر الدكتور كعدي أبداً في حديثه عن المستقبل، يتحدث متناسياً أحوال البلاد وما نعيشه من أزمة اقتصادية ومعيشية وفساد وتلوث وغياب الدعم.

إبن بلدة رياق البقاعية يعدُ بالمزيدِ ويبشرُ باختراعٍ جديد في مجال ​الرطوبة​ وقياسِها، تهم المزارعين على وجه التحديد.

ولهذا القطاع بالتحديد يعلن عن مشروع ضخم يهدف لدراسة مياه الحوض الأعلى من ​نهر الليطاني​ الذي من أهدافه مساعدة المزارعين في الري ومكافحة تلوث هذه الثروة الطبيعية.

ماذا عن دعم الدولة لك من خلال هذا المشروع ؟

"لا عتاب.. ما نعيشه يجب أن يكون دافعاً"، بهذه ​الجملة​ يرد الدكتور كعدي على هذا السؤال، فيقول: "إننا بأمسِّ الحاجة للإنتاج في لبنان قبل أن نعاتب، قررت أن أثبت أننا نستطيع القيام بإنجاز واختراع بدل تضييع الوقت في العتاب، وحين أنجزت هذا الإختراع مُدَّت لي يدُ الدعمِ من المدير العام لـ "مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية" في تل عمارة - رياق الدكتور ميشال ​افرام​ الذي كان سبباً في إبزار هذا الإختراع والمساهمة في ترويجه".

وأكثر ما يفرح الدكتور كعدي أن مشروعه سيكون عابراً للبنان بجغرافيته ومفيداً لكل أطيافه، إذ إن "مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية" ستعتمد عليه في محطاتها الـ 80 في لبنان، لما يشكله من مصدر معلومات مهم لدراسة المناخ وللأبحاث الزراعية.