تفاعل ملف العلاقات التجارية بين ​الولايات المتحدة الاميركية​ و​الصين​ كثيرا في الايام القليلة الماضية فبين الفعل ورد الفعل وفرض الرسوم والتصعيد، يراهن الرئيس الاميركي دونالد ترامب كثيرا على خروج بلاده منتصرة من الحرب التجارية في ظل تزايد الضغط على بكين في محاولة منه لحصد المزيد من أصوات الناخبين في القاعدة الداعمة له ، وعلى الرغم من اجواء التفاؤل التي سادت في الاونة الاخيرة من امكانية توصل القطبين الاميركي والصيني الى اتفاق الى ان تصعيد وتعنت الرئيس الاميركي والذي قابله رد الفعل الصيني بدد هذه الامال حيث اعلنت الصين إنها ستفرض رسوما على سلع أميركية قيمتها 60 مليار دولار بداية من حزيران المقبل لتأتي هذه الخطوة بعد ثلاثة أيام من قرار الإدارة الأمريكية بمضاعفة الرسوم على السلع الصينية المستوردة.

كما يسعى ترامب الى تسخير كافة جهوده لاقناع الاحتياطي الفيدرالي الى العودة الى سياسة التسيير الكمي وخفض سعر الفائدة وتسخير السياسة النقدية للمركزي الاميركي لخدمته في كسب هذه الحرب ضد الصين .

الفعل ورد الفعل الصيني الاميركي انعكس بصورة مباشرة على الاسواق المالية التي هبطت بشكل متباين فسجل مؤشر" داو جونز" تراجعا بنحو 600 نقطة كما سجلت الأسواق المالية الأوروبية والأميركية تراجعا بعد هذه التطورات، ولعل المزارعين الاميركين يدفعون حالياً ثمن الإجراءات الانتقامية الصينية بشكل كبير.

وفي حين يؤكد الكثيرون ان نيران الحرب التجارية ستطال الجميع وما من رابح الا ان الصين الذي تعتبر أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة ، ستتأثر بشكل اكبر من هذا النزاع القائم ، نظرا الا ان الفائض التجاري بين البلدين يميل لصالح بكين والتي تجاوز في العام ، 2017 حوالي 375 مليار دولار، وتعتبر الولايات المتحدة ان هذا الفائض سببه الممارسات غير العادلة بما فيها دعم الدولة الصينية للشركات المحلية، وتشير ارقام معهد التمويل الدولي في تقرير حديث له إن حجم الأموال التي خرجت من الأسهم الصينية خلال الأسبوع الماضي بلغت 2.5 مليار دولار، وذلك بسبب مخاوف المستثمرين من تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وعلى الرغم من الحرب التجارية المميتة بين الطرفين الا ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب لا يعتبرها سوى "شجار صغير"، مؤكّداً أنّه ما زال بإمكان البلدين التوصّل إلى اتّفاق يضع حدّاً لها، وعلى الرغم من ضبابية المشهد وحالة عدم اليقين الا ان كل المؤشرات تشير الى ان ترامب لن يقبل سوى بـ"صفقة جيدة" أو لا شيء على الإطلاق وكسب الحرب التجارية الحالية، وإجبار الاقتصاد الصيني على التراجع في حجم الصادرات والنمو الاقتصادي، وربما وضع المزيد من العقبات أمام مبادرة "الحزام والطريق" التي تواجه متاعب حالياً.

وفي هذا الاطار ولمعرفة تداعيات التصعيد بين الولايات المتحدة والصين على الاقتصاد العالمي وفرص التوصل الى اتفاق بين الطرفين كان لموقع الاقتصاد لقاء خاص مع الخبير الاقتصادي في دبي الاستاذ ​وليد الحلو​ لمعرفة توقعاته في هذا الملف.

الحلو: الاتفاق بين الصين والولايات المتحدة سيأخذ وقتا وترامب سيعمد الى انهاء هذا الملف لاغراض انتخابية

ومن ناحيته اعتبر الحلو ان وفي اطار التطورات الاخيرة بين الصين والولايات المتحدة فانه من الواضح ان الاتفاق بين الطرفين سياخذ بعض الوقت، كما ان اللقاء المرتقب بين الرئيس الاميركي والصيني في اجتماع مجموعة العشرين القادم في شهر حزيران يحتاج الى الكثير من الايضاح، مشيرا مؤكدا انه على قدر صعوبة الوضع حاليا والتصعيد المتزايد بين واشنطن وبكين لكن لا يمكننا ان ننسى انهم قطعوا شوطا كبيرا من المفاوضات مما يجعل احتمالية الوصول الى اتفاق في اي وقت واردة، ولكن الاساس هو في نوعية الاتفاق ففي حال تم التوصل الى اتفاق جزئي او هدنة فهذا الحل من شانه ان يضعف الاسواق .

وعن اثر الحرب التجارية على الاسواق والاسهم اعتبر الحلو "ان هذه الحرب ستؤثر بالطبع على الاسواق ويجب التركيز على نقطة ان توقعات صندوق النقد الدولي للنمو تأتي جميعها اقل من المتوقع وتم خفضها بسبب المخاطر الموجودة والتي تأتي تفاقم الحرب التجارية على رأسها خاصة في الوضع الاقتصادي الغير جيد الذي يمر به العالم اليوم .

واضاف الحلو انه وفي اطار الحديث عن الاحصائيات التي بدأت تظهر بعد تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب يمكننا القول انه وفي حال تم التصعيد بين الطرفين بصورة كبيرة، فالصين ستواجه مخاطر خسارة 1% من اجمالي الناتج المحلي وهذا يعني تراجعه الى ما دون ال 6% وهذه ارقام غير مسبوقة في الاقتصاد الصيني وخصوصا انه في العام الماضي كان اجمالي الناتج المحلي % 6.8 وفي حال وتراجع هذه الارقام الى 5.5 % فهذا امر سلبي جدا للاقتصاد، كما ان الاقتصاد الاميركي معرض لان يخسر حوال 0.5% ولكن الجانب الايجابي هو عدم خسارة الضغوط التضخمية الخاصة به بصورة كبيرة .

وأكد الحلو على ان ملف الحرب التجارية يؤثر بالطبع على امور كثيرة منها الاسهم والنفط وايضا على العديد من الاسواق وخاصة المباشرة مثل الاسهم الاميركية والاسهم الصينية كما سيؤثر على العملة وخصوصا اليوان الصيني ، وان رد الفعل السوق على هذه التحركات كانت متابينة حيث لاحظنا اسوء التراجعات كانت موجودة في مؤشر الاسهم الصينية واليوان وتراجعات محدودة في الاسواق الاميركية وكما رأينا تراجعا كبيرا في النفط ولكن تم تعويضه والسوق اليوم "هش" لاي معلومة خاصة في هذا الاطار .

وعن توقعاته للتطورات في هذا الملف اعتبر الحلو ان جميع السناريوهات مطروحة وان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يحاول حاليا الوصول الى اتفاق فهو لا يريد حربا تجارية بل اتفاقية جيدة تعطي تنافسية للاقتصاد الصيني، ولا ننسى ان الاقتصاد الصيني لديه سوابق سيئة سواء مع اوروبا واميركا في تنافسية الشركات داخل الصين حيث ان جميع الشركات التي عملت في البلاد اشتكت من الضغوطات التي تتعرض لها وعدم قدرتها على المنافسة بصورة كاملة، بيد ان الواقع مغاير تمام مع الشركات الصينية التي لها حرية التصرف داخل الولايات المتحدة واوروبا وبالتالي فان الطرف المستاء من هذا الواقع هو ليست اميركا فقط بل كل الشركات التي تتعامل مع الصين .

وفي الختام اشار الحلو الى ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يبدي تعنته واصراره في هذا الملف لاهداف انتخابية حيث لديه ملفين مهمين جدا بحاجة الى انهائهما بصورة تامة قبل الانتخابات، الملف الاول هو الحرب التجارية مع الصين حيث يجب ان يصل ترامب الى صيغة معينة تظهر انه حقق وعوده والملف الثاني هو اقناع الفيدرالي الاميركي بصورة او باخرى ببداية التحفييز وخفض الفائدة ليصل الى معدلات نمو قريبة من الـ4% والتي هي الاعلى تقريبا او الضعف من المعدلات الموجودة حاليا في الاقتصاد لكن الفيدرالي الاميركي على الرغم من الاجواء الايجابية الا انه يرى انه ليس بحاجة لم يطلبه ترامب في الوقت الحالي من تحفيز حيث وبالنسبة له ان ارقام التضخم هي المقياس الرئيسي للسياسة الموجودة وطالما ان الضغوط التضخمية جيدة وهذا يدعهمها ارقام التوظيف ومبيعات التجزئة ومؤشر اسعار المستهلكين واسعار المنتجين ليبني عليها السياسة النقدية وليست لديه الاسباب الكافية لتنفيذ مطالب ترامب .