إدغار شعيا هو رجل أحب وطنه، ولطالما عُرف بإصراره وعزمه المترافقان مع جهده وعمله. فهو القوة الدافعة لشركته، وبفضل شغفه وموهبته أعاد إحياء تاريخ أجداده.

وبعد مرور سنوات، لم يثنيه تقدمه في العمر عن ملاحقة أحلامه ومتابعتها، ليثبت بذلك أن العجز هو بالنفس، و​الشباب​ إحساس وليس سنوات أبدا!

هو أفضل قدوة لشباب الذين لديهم إرادة صلبة وعزيمة لامتناهية، فهو يجسد مقولة: "النجاح يأتي غالبا للذين يجرؤون بالقيام بالأعمال، ونادرا للخجولين الذين يخافون من النتائج!".

فلنتعرف أكثر الى مؤسس شركة "BlattChaya"، إدغار شعيا، الذي خص موقع "الاقتصاد" بهذه المقابلة المميزة:

أخبرنا قليلا عن انطلاقتك في عالم الأعمال؟

كنت أتخصص في مجال الحقوق، لكن والدتي الراحلة قالت لي أن هذه المهنة ستستغرق ساعة أم ساعتين كحد أقصى من وقتي في اليوم، فماذا سأفعل في الوقت المتبقي؟

وبالتالي، اصطحبتني لدى أحد أقربائنا الذي يعمل في مجال الصيرفة، ووظفتني عنده. وفي نهاية الأسبوع، حصلت على 10 آلاف ليرة، وشعرت أن هذا الراتب غير كاف، ومن هنا، قررت المثابرة والعمل بشكل متواصل من أجل شراء متجر قريبا؛ وهذا ما حصل!

فانطلقت بالعمل كصراف، وأسست نقابة الصرافين في ​لبنان​، وبقيت لمدة 45 عاما في منصب النقيب، الى أن عاد أولادي من ​لندن​ و​كندا​ و​الولايات المتحدة​، ورفضوا العمل في هذا المجال، فقررت بيع محلاتي الأربعة ربببب.

في تلك الفترة، كنت أمتلك "بابور" أو ما يسمى بالمركب الشراعي، في منطقة الكسليك، فكنت أسافر الى ​قبرص​ و​اليونان​ للتسلية. وبقيت على هذه الحالة لمدة سنتين.

ولكن أقول دائما أنني أشعر بالتعب من الراحة، وانطلاقا من هذا الواقع، بدأت بالبحث عن نشاط ما للقيام به، الى أن وجدت علبة من الكرتون، تحتوي على قوالب مكسرة، تعود الى والد جدي. فبدأت أتسلى في تجميعها، ونجحت في تنفيذ القالب الأول بعد فترة، كما نجحت في صب البلاطة الأولى بعد أربع سنوات من العمل.

ومن هنا، انطلقت في تصنيع البلاط الحرفي، وأسست "BlattChaya". ولا بد من الاشارة الى أننا نصنع، يدويا، كل بلاطة على حدة.

ما هي العوامل التي ساعدتك على النجاح وعلى تحقيق الاستمرارية في العمل؟

العامل الأهم والأبرز يكمن في إرادتي الصلبة، فلطالما صممت على النجاح، رغم أنني مررت بظروف صعبة للغاية.

ما هي الوصية التي ستعطيها لأولادك وأحفادك لدى تسليمهم "BlattChaya"؟

ألقى الدعم والمساندة الأكبر من ابنتي كارين، وابني كريم الذي تخصص في ​التصميم​ الصناعي (industrial design). في حين أن نبيل اختار مجالا آخر، ومكسيم يهتم في الرياضة وتسلق الجبال والمغامرات.

ولكن، أتمنى أن ينظر أولادي الى ما قمت به بنفسي، ويقومون بدورهم به. كما آمل أن يحافظوا على ما أسسته، ويكملوا المسيرة من بعدي.

هل تعتبر اليوم أن حققت كامل طموحاتك المهنية؟​​​​​​​

أبلغ من العمر اليوم 90 عاما، وأصل الى العمل عند الثامنة صباحا، وأغادر عند الثانية من بعد الظهر. ومن هنا، أشكر الله لأنني نجحت في تحقيق كل ما حلمت به وطمحت اليه.

وفي الوقت الحاضر، لا أتمنى إلا شيئا واحدا: أن يكمل أولادي هذه المسيرة.

برأيك، ما هي المقومات التي تساعد الانسان على النجاح؟

لكي ينجح الانسان، يجب أن يكون طموحا، ولا يقف أمام العوائق، لأن الصعوبات جميلة.

فأنا أحب التقدم نحو القديم (evolving toward the past)، كما أنني مسرور لأقصى الدرجات بما حققته الى حد اليوم. فالبسمة على وجوه الزبائن تشعرني بالارتياح، كما أن أصداءهم الايجابية تعطيني السعادة.

وتجدر الاشارة الى أننا نحب بلدنا لبنان الى أقصى الحدود، ولم نقبل أبدا بالهجرة الى الخارج.

هل تشعر اليوم بالفخر بنجاحك ونجاح أولادك؟

الشعور الفعلي ليس الفخر بمعناه الواسع، بل يتمثل أكثر بالامتنان! فأنا أشكر الله لأنه أعطاني القوة والصلابة والعزم والإصرار، بالاضافة طبعا الى الرغبة في الوصول الى أبعد الحدود.

انطلاقا من تجربتك المهنية الخاصة، وتمسكك بلبنان، ما هي الرسالة التي تود إيصالها جيل الشباب اللبناني؟

أولا، اذا تحلى الانسان بالإرادة والصبر، لا بد أن يبقى في بلده الأم لبنان، ويناضل من أجل تحقيق أهدافه.

ثانيا، عليه أن يختار بعناية ما يحبه ويشعر بالشغف تجاهه، فالفرص موجودة، وبكثرة، في لبنان.

وثالثا، لا يجب أن يعمل الانسان لكسب الربح المادي فحسب، بل من أجل نحت اسمه في التاريخ.

وأنا أشكر الله في كل لحظة، لأن اسم "BlattChaya" بات اليوم بمثابة معيار أو مقياس محدد؛ وهنا يكمن الفخر بحد ذاته!