بعد ان شهد العام 2017 تحولات إقتصادية وسياسية كبيرة جداً على المستوى الإقليمي والعالمي، كان لا بد لتلك التحولات أن تنعكس على العام 2018 - الذي شارف على الإنتهاء - منذ بدايته وحتى نهايته .. فطباع ​دونالد ترامب​ الحادة والمتطرفة إستمرت في العام 2018، وظهر تأثيرها بشكل واضح على المستويين السياسي والإقتصادي، حيث إنطلقت حرب تجارية شعواء بين ​الولايات المتحدة​ و​الصين​، وإمتدت لتشمل الإتحاد الاوروبي أيضا، كما أدى جنون ترامب لإنسحاب اميركا من الإتفاق النووي مع ​إيران​، وإعادة فرض عقوبات إقتصادية قاسية على ​طهران​. ومن ناحية اخرى إستمرت قضية خروج بريطانيا من ​الإتحاد الأوروبي​ بالتأثير على ​منطقة اليورو​، كما برزت التحركات الشعبية في ​فرنسا​ كدليل على تراجع الاوضاع الإقتصادية في أبرز إقتصادات ​أوروبا​.

عربياً، إحتلت قضية إغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في ​إسطنبول​ العناوين العالمية وكان لها إنعكاسات كبيرة على المستويين السياسي والإقتصادي، وإنعكست هذه القضية سلبا على مؤتمر "​دافوس​ الصحراء" الذي عقد في ​الرياض​. وإلى جانب قضية خاشقجي برز إنسحاب قطر من منظمة "اويك"، الأمر الذي يعد إمتداداً وتطوراً لتدهور العلاقات لهذه الدولة الخليجية الصغيرة مع جيرانها في مجلس التعاون.

وفيما يلي تعرض "الإقتصاد" لكم قائمة بأبرز الأحداث الإقتصادية على الصعيدين العربي والعالمي.

عربيا

- إغتيال خاشقجي

في 2 تشرين الاول 2018، قتل الصحافي السعودي المعارض جمال الخاشقجي في قنصلية بلاده في العاصمة التركية إسطنبول بظلّ ظروف غامضة.

وظل مقتل جمال خاشقجي غير رسمي، حتى صدر بيان من النيابة العامة ​السعودية​ في 20 تشرين الاول، أثبت الحادثة وكشف عن ظروف الوفاة.

وأدت هذه الحادثة إلى تدهور العلاقات الديبلوماسية بين السعودية والعديد من دول العالم، مما إنعكس سلبا على العلاقات الإقتصادية بين الرياض وأصدقائها العالميين. وظهر ذلك جلياً في مقاطعة عدد كبير من الدول الكبرى لأهم مؤتمر إقتصادي وإستثماري في تاريخ المملكة، وهو مؤتمر "دافوس الصحراء" الذي عقد في الرياض في 23 تشرين الاول الماضي.

- أكبر موازنة بتارخ السعودية

في التاسع عشر من كانون الاول الجاري، أعلنت المملكة العربية السعودية، عن أكبر موازنة في تاريخها.

وأقر ​مجلس الوزراء السعودي​، في جلسة برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، موازنة عام 2018 التي تقدر بـ 978 مليار ريال سعودي.

وذكر أمين عام مجلس الوزراء السعودي أن قيمة العجز في ميزانية السعودية الجديدة يقدر بـ195 مليار ريال.

- الحرب اليمنية وإنعكاساتها على الإقتصاد

واصلت الحرب اليمينة الدامية بإلإلقاء بثقلها على الإقتصاد، إذ يواجه اقتصاد البلاد ومعه العملة الوطنية (الريال) خطر الانهيار، ويدفع في هذا الاتجاه تهاوي إيرادات البلاد من ​النقد الأجنبي​ ومعه يتهاوى احتياطي البنك المركزي.

بموازاة ذلك يعاني المواطنون في جميع أرجاء البلاد وضعا مأساويا متراكما منذ الحرب التي بدأت نهاية عام 2014، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ آذار 2015، عندما قادت السعودية تحالفاً عسكرياً بدعم من ​الإمارات​ للحرب في الحوثيين.

- الضريبة على القيمة المضافة في ​دول الخليج

بدأت ​الدول الخليجية​ بتطبيق الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5%، إذا تشير التقديرات بأن هذه الدول ستجني 25 مليار دولار من ضريبة القيمة المضافة سنوياً.

وتتجه دول مجلس العاون إلى مضاعفة الضريبة على القيمة المضافة من 5 إلى 10%، بحسب ما افترضت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية، عازية السبب إلى "التفاوت بين الحد القانوني للضريبة ومعدل التحصيل الفعلي لها".

- إنسحاب قطر من "​أوبك​"

في الثالث من كانون الاول الجاري أعلنت ​دولة قطر​ انسحابها من عضوية منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" اعتباراً من الأول من كانون الثاني 2019.

وقالت قطر أنها تحاول تركيز جهودها على تنمية وتطوير صناعة الغاز الطبيعي، وعلى تنفيذ الخطط التي تم إعلانها مؤخراً لزيادة إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 110 مليون طن سنويا.

ورجّح بعض المحللين ان يكون قرار قطر بالإنسحاب من المنظمة سياسي، بسبب سيطرة السعودية على قرارات المنظمة. مما يشير إلى إستمرار تدهور العلاقات بين الدولة الخليجية الصغيرة، وجيرانها في مجلس التعاون.

- صفقة غاز مصر ​إسرائيل

في 27 أيلول الماضي، أعلنت شركتا "ديرليك" الإسرئيلية و"نوبل انرجي" الأميركية، أنهما وشركة "غاز شرق المتوسط" المصرية، سيستحوذون على 39% من الشركة المالكة لخط أنابيب الغاز الطبيعي الممتد بين مصر وإسرائيل، مقابل 518 مليون دولار.

وقالت الشركتان، في بيانين على موقعهما الإلكتروني، إن الاتفاقية الجديدة تكفل إعادة تشغيل خط الغاز بين البلدين، خلال فترة العقد الذي سبق أن وقعته شركة "دولفينوس" لاستيراد الغاز من حقلي "تمارا" و"ليفاتان" الإسرائيليين لمدة 10 سنوات، كما ستتنازل الشركة عن دعوى التحكيم التي سبق أن تم الحكم فيها بتعويض ضد ​هيئة البترول المصرية​ والشركة المصرية للغاز الطبيعي "ايغاس" بقيمة 1.75 مليار دولار بسبب وقف تصدير الغاز عام 2012.

وأسست شركتا "ديرليك" و"نوبل انرجي"، ومعهما شركة "غاز الشرق"، التي تملك خطوط الغاز والبنية التحتية في مصر، شركة جديدة باسم " EMED"، والتي اشترت 39% من شركة خط الغاز، البالغ طوله 90 كيلومترا، ويربط بين عسقلان والعريش.

عالميا

- لقاء ترامب التاريخي مع زعيم ​كوريا الشمالية

​​​​​​​

في 12 أيلول 2018، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية، قمة تاريخية في ​سنغافورة​.

وخلال تلك القمة، وقع الجانبان وثيقة تؤكد تقدم المباحثات بين الطرفين، حيث قد تمهّد هذه الوثيقة لبناء علاقات جديدة بين واشنطن وبيونغ يانغ، وفك الحصار عن البلد الشرق آسيوي.

- إنتهاء حرب الكوريتين

في 27 نسيان الماضي، أبرمت بيونغ يانغ وسيول، اتفاقًا للسلام بعد قمة تاريخية لزعيم كوريا الشمالي كيم يونغ أون ونظيره الجنوبي مون جاي إن.

وشمل الاتفاق الإعلان عن تعهدات بالحد من التسلح ووقف "الأعمال العدائية" وتحويل الحدود المحصنة بين البلدين إلى "منطقة سلام" والسعي من أجل إجراء محادثات متعددة من أجل تطوير العلاقات بين البلدين الجارين.

- إنسحاب أحادي إلولايات المتحدة من الإتفاق النووي مع إيران

​​​​​​​

حمل يوم الثامن من أيار الماضي قرارا جنونيا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بانسحاب أحادي لواشنطن من الاتفاق النووي مع طهران، المبرم عام 2015، مع فرض عقوبات اقتصادية موسعة على النظام الإيراني.

وشملت العقوبات الاقتصادية قطاعات ​النفط​ والبنوك والنقل، حيث أعلن مبعوث الولايات المتحدة الخاص بإيران برايان هوك، في تشرين الثاني أن طهران فقدت إيرادات نفطية بحوالي ملياري دولار منذ أيار.

ومع الشريحة الثانية من العقوبات، التي تم الإعلان عنها في تشرين الثاني، انضمت قطاعات النفط والبنوك والطيران والشحن بشكل موسع للعقوبات؛ حيث تم استهداف 50 بنكا ونحو 200 شخص وشركة.

- إنطلاق الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين

في بداية أذار 2018، أشعلت الولايات المتحدة بقيادة رئيسها دونالد ترامب فتيل الحرب التجارية مع كل من الصين والإتحاد الاوروبي، حيث قامت واشنطن بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب، و10% على واردات الألومنيوم من جميع دول العالم ماعدا ​كندا​ والمكسيك.

ومع ذلك القرار بدا أن الرئيس الأميركي يستهدف العالم بأسره في حربه التجارية كما أنه انتقل من حرب التصريحات إلى التنفيذ الفعلي على أرض الواقع. إلا أن بعد ذلك القرار ببضعة أيام وتحديداً في بداية نيسان أعلنت واشنطن قائمة تعريفات جمركية ضد سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار.

وردّت الصين في اليوم نفسه، بالإعلان عن قائمة تعريفات جمركية تستهدف 106 منتجات أميركية، مما دفع النزاع التجاري لياخذ بُعداً جديداً، واتضح الأمر على أنها حرب الند للند.

وبدأ الأمر مع مرور الأيام يتعقد أكثر ولا يمضي في طريق الحل، حيث أعلنت الولايات المتحدة بحلول نهاية أيار إدراج كندا والمكسيك في قائمة تعريفات الصلب والألمونيوم.

ورغم المحادثات التي إنطلقت منذ أشهر لحل هذا النزاع التجاري، إلا ان الامور لا تزال غامضة ومن غير الواضح كيف ستنتهي.

- السترات الصفراء تضرب فرنسا !

مع حلول يوم 17 تشرين الثاني 2018، انطلقت شرارة احتجاجات حركة "السترات الصفراء" في فرنسا، قبل أن تمتد إلى عددٍ من دول أوروبا الرافضة لإجراءات التقشف الاقتصادي.

وظلت المدن الفرنسية، تشهد يوم السبت من كل أسبوع، موجة جديدة من احتجاجات "السترات الصفراء"، وسط دعوات من ​الحكومة الفرنسية​ إلى ضرورة التهدئة.

وفي محاولت منها لاحتواء الأزمة، دعت الحكومة الفرنسية محتجي "السترات الصفراء" إلى إخلاء الميادين والتقاطعات والانسحاب من الطرق، فيما تعهد رئيس الوزراء بتنفيذ التدابير الاجتماعية التي أعلنها ​الرئيس الفرنسي​ إيمانويل ماكرون في أقرب الآجال لاحتواء الاضطرابات التي يصفها مراقبون بأنها الأسوأ في فرنسا منذ أعمال الشغب الطلابية عام 1968.

وبمظاهرات مماثلة، نظّم المئات من محتجي "السترات الصفراء" في ​بلجيكا​، وخصوصا في المناطق الناطقة بالفرنسية، وقفات احتجاجية في الحي الأوروبي من العاصمة ​بروكسل​.

- تراجع حاد لاسعار النفط

هبطت ​أسعار النفط​ بشكل جنوني في العام 2018، حيث خسر ​الذهب​ الأسود أكثر من 40% من قيمته في الربع الأخير من العام، ووصل الخام الاميركي إلى عتبة الـ 43 دولاراً للبرميل، في حين هبط خام برنت إلى حدود الـ 50 دولار أميركي.

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" و​روسيا​ الشهر الماضي على خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً بدءا من كانون الثاني 2019 لكبح المعروض.

وستعقد "أوبك" وحلفاءها اجتماعاً استثنائياً بداية العام إن لم تكف التخفيضات لتحقيق التوازن في السوق.

- قضية ​كارلوس غصن​.

في تشرين الثاني الماضي، أوقفت ​السلطات اليابانية​ رجل الاعمال الفرنسي البرازيلي اللبناني كارلوس غصن بتهمة ارتكاب مخالفات مالية في شركتي "نيسان" و"​رينو​" للسيارات.

ومنذ توقيفه المفاجئ، إنتشرت العديد من التسريبات والتقارير حول السبب الحقيقي لتوقيف الرجل، فيما السبب الرئيسي المعلن واحد، وهو إخفاء جزء من مداخيله بمقدار نحو 44 مليون دولار على مدى سنوات.

ونفى غصن هذه الاتهامات الموجهة إليه، في حين أفادت بعض التقارير عن مؤامرة بحق رجل الاعمال اللبناني الاصل، بسبب رفضه الإنسحاب من السوق الإيراني، والإلتزام بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران.

- ​التضخم​ في ​فنزويلا​ يقترب من المليون بالمئة !!

​​​​​​​أزمة اقتصادية كبيرة تعيشها فنزويلا، التي يتجاوز معدل التضخم فيها حاليا (85000%)، مع توقعات بوصوله إلى مليون في المئة قبل نهاية 2018، وما زال رئيسها ​نيكولاس مادورو​ يواصل عناده.

مادورو الذي خلف رئيس فنزويلا الراحل ​هوغو تشافيز​، قاد البلاد في غضون خمس سنوات إلى أوضاع بالغة السوء اقتصاديا واجتماعيا، بجانب تسببه في تصاعد الخلافات السياسية وحالة الاشتباك والصراع بين الأحزاب والقوى السياسية في البلاد، بينما تتصاعد معاناة المواطنين من التضخم و​البطالة​ وارتفاع الأسعار، ويتحرك الرئيس باتجاه خطوات شكلية، كان آخرها حذف خمسة أصفار من العملة المحلية "البوليفار".

فبوتيرة متسارعة تواصل فنزويلا السقوط فى الهاوية، وسط اقتصاد تجاوزت انهياراته حدود الأزمات ونزاعات سياسية تخطت موائد الحوار، لتنتقل إلى ساحات الاحتجاج والكر والفر بين الأمن والمتظاهرين، وهى الأوضاع التى تثير القلق داخل ​أميركا اللاتينية​، التى بدأت تعانى بدورها من أزمات دولة الجوار التى بدأت تفيض بنازحين وهاربين يبحثون عن فرصة جديدة للحياة.