ما زال الجنيه ​السودان​ي يواجهه ضربات موجعة، مكمّلا سلسلة الترجعات حيث انخفض اليوم الاربعاء الى مستوى تاريخي امام ​الدولار الاميركي​ مسجلا 51 جنيها مقابل الدولار،مع استمرار ازمة شح النقد الاجنبي في البلادمما دفع معظم ​المصارف التجارية​ لتحديد مبلغ 500 جنيه كأعلى سقف للسحب اليومي، لتغطية أكبر عدد من العملاء الذين يصطفون للحصول على النقد، انخفاض العملة المحلية اتى بعد ايام قليلة على اعلان الحكومة تحرير جزئي للعملة ورفع سعر الدولار الى 47.5 جنيها في تداولات المصارف التجارية وإنشاء آلية جديد مستقلة من خارج الحكومة، لتحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية بشكل يومي ، تتكون من مدراء مصارف وأصحاب محال صرافة، وخبراء اقتصاد في محاولة من المصرف المركزي السوداني بالقضاء تدريجيا على ​السوق السوداء​ للعملة المحلية، وإعادة العمليات النقدية الأجنبية إلى القنوات الرسمية.

وانقسمت الاراء في ​الخرطوم​ بعد اتخاذ حكومة البلاد قرار تحرير سعر صرف الجنيه فالبعض رأى من هذه الخطوة طوق نجاة للاقتصاد وعلاج مناسب للمرحلة الحالية في حين تخوف العديد من الاثار السلبة لهذا القرار الذي جاء بسبب النقص المتفاقم في العملة الأجنبية وازدهار سوق سوداء يجري فيها تداول الدولار بزيادة بنحو 40 % عن السعر الرسمي.

وشح العملة الاجنبية فرضت واقعا اقتصاديا صعبا على المواطن السوداني مع اقتراب معدل التضخم من 67% وفق آخر إحصائية رسمية، حيث تعاني البلاد من ازمات كبييرة في الخبز والطحين والوقود و​الغاز​ ولعل ازمة السودان والصعوبات الكبيرة الذي يواجهها الاقتصاد اليوم بدأت منذ انفصال الجنوب في العام 2011 حارما الخرطوم من ثلاثة ارباع الانتاج النفطي الذي يشكل مصدرا هاما للعملة الصعبة.

السودان: تحديد سعر الصرف مخرج للازمة ام كارثة على الاقتصاد؟وطباعة العملة لحل ازمة السيولة:

اعلن محافظ ​البنك المركزي السوداني​ محمد خير الزبير ، إن بلاده ستبدأباستخدام هيئة من المصرفيين ومكاتب الصرافة لتحديد سعر صرف العملة بشكل يومي، كما ستحدد هيئة الصرف الجديدة سعر شراء ​الذهب​ من أجل محاربة التهريب، وأضاف الزبير أنه من المرجح أن تتراجع قيمة ​الجنيه السوداني​ مقابل الدولار في بادئ الأمر ثم تستقر لاحقًا، في حين قرار ​الحكومة السودانية​ اثار العديد من المخاوف من جراء العواقب السياسية والاقتصادية لتحرير سعر الصرف على اعتبار ان هذا الاجراء من شانه ان يرفع معدل التضخم إلى مستويات عالية والتي من شأنها انيضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وسيؤثر على الاحتياجات الأساسية للمواطن وخاصة اصحاب الدخل المحدود.

كما استبقت الحكومة ذلك الإعلان بقرارات اقتصادية مهمة، في محاولة منها لوقف تدهور سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، والسيطرة على السوق.

ومن الواضح ان الفشل الذي منيت بها الحكومة السودانية في تطبيق سياسة اقتصادية قادرة على اخراج البلد من دوامة المشاكل الاقتصادية التي ارهقت كاهل المواطن مسيطرا على فكر غالبية الاقتصاديين على اعتبار ان السياسات المالية والنقدية المتتالية تسببت في خروج نسبة كبيرة من ​الكتلة النقدية​ من الجهاز المصرفي، وتصاعد التضخم مما انعكس على أداء ​القطاع المصرفي​ بالكامل مشيرين الى ان العامل السياسي يلعب دورا كبيرا في المعضلة الاقتصادية خاصة ما يتعلق ب​العقوبات​ الاقتصاديةالأميركية التي لم ترفع بعد وعدم تمكن المصارف والشركات السودانية من إجراء أي تعاملات مع الخارج بسبب تلك العقوبات، ونادى اقتصاديون بتنفيذ هيكلة كاملة للدولة قبل طرح السياسات الجديدة وخاصة ان البلاد مازالت في تصنيف قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى جانب الأعباء للصرف على السلام في الشرق ودارفور، وإنهاء الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ومكافحة تجارة السلاح وتجارة البشر والهجرة غير الشرعية، والمخدرات وتهريب السلع الاستراتيجية "الذهب والقمح والوقود"، وشح الموارد المحلية وانعدام في الموارد الخارجية.

وفي سياق متصلأعلن رئيس الوزراء السوداني وزير المالية، معتز موسى، أن الحكومة تكثف من عمليات طباعة العملة داخل البلاد وخارجها لحل أزمة السيولة التي تواجه المصارف التجارية، حيث اعلن ​بنك السودان المركزي​ قرارات عاجلة لتوفير الاحتياجات النقدية بإعادة تشغيل مطبعة العملة بطاقتها القصوى، واكتمال ترتيبات وصول 4 شحنات من الأوراق النقدية التي طبعت بالخارج، وطرح ورقة نقدية جديدة فئة 100 جنيه سوداني لأول مرة لحل ضائقة السيولة.

تدشين صكوك الذهب "بريق" وتوقعات بانتعاش سوق المال السوداني:

اعلنت شركة السودان للخدمات المالية المحدودة عن صكوك الذهب الاستثمارية "بريق" بهدف جمع العملة لشراء الذهبوتصديره وفق مبادئ واحكام الشريعة الاسلامية، والمساهمة في توفير موارد بالنقد الاجنبي وبيعها حسبما تقرره سياسات بنك السودان المركزي ، والمساهمة في استقرار سعر الصرف بزيادة المعروض من النقد الاجنبي وتحقيق ارباح للمستثمرين، وان الباب سيكون مفتوحا للافراد والشركاتو لبورصة الذهبمسؤولية هيئة اسواق المال والتي ستبدأ عملها قريباً وسيتم طرح الصندوق فى الفترة من 15 الى 31 من الشهر الحالى ، وذلك برأس مال وقدره 3 مليارات جنيه سوداني مقسمه الي 3000000 صك بقيمة اسميه قدرها 1000 جنيه للصك الواحد .

وتوقع نائب المدير العام لسوق الخرطوم للأوراق المالية انتعاش السوق، وزيادة حركة المتعاملين في الأسهم، بعد طرح صكوك الذهب الاستثمارية "بريق"، ومن المتوقع ان يبلغ العائد السنوي للمستثمرين 25 إلى 30 %، بما يقدر بنحو 1.5 مليار جنيه سوداني خلال الأشهر الثلاثة الأولى، حيث يغطي المبلغ المستهدف شراء نحو طنين من الذهب.