ارتفع منسوب المخاطر المالية المحلية هذا الاسبوع مع تصاعد نبرة اكثر من مسؤول عن ان البلاد دخلت فعلاً مرحلة خطيرة على مستوى المالية العامة وان ابواب "الانهيار" باتت مشرعة على كل الاحتمالات بحسب ما ورد ويرد على لسان اكثر من مسؤول.

واذا كان هذا الكلام ينطوي على الكثير من المخاطر والمحاذير لم يشهد لبنان مثيلا لها منذ بدايات الازمة الاقليمية في العام 2011، وان المستغرب الا يقابل مثل هذا الكلام او هذا التحذير بردة فعل رسمية تبدي ولو قليلاً من علامات الرغبة في المواجهة والتصدي لهذه الازمة التي تطال كل اللبنانيين بجميع فئاتهم وانتماءاتهم السياسية والطائفية والمذهبية.

واذا كان الاسراع بتشكيل الحكومة العتيدة هو امر ملح ومطلوب في الاحوال العادية، فكيف هو الحال في بلد بات على حافة الانهيار الاقتصادي والمالي، والى متى ينتظر المسؤولون لتشكيل هذه الحكومة وللاعلان فوراً عن ​خطة طوارئ​ اقتصادية ومالية لمواجهة الازمة وحماية لبنان واللبنانيين من السقوط في عتبة ​العنف​ و​الفقر​ والتناحر.

وبحسب مصرفيين واقتصاديين، فان الكلام الذي يصدر عن بعض المراجع الروحية والسياسية بخصوص ​الازمة المالية​ ومدى خطورتها هو كلام حقيقي وجدي ولا ياتي هذه المرّة من باب المناورات السياسية واوضاع المالية العامة سيئة للغاية، عجز موصول، وكلفة دين مرتفعة نسبة الى الناتج القومي، و​موازنة​ دفترية كلها تذهب الى الرواتب والاجور وتغطية فوائد ​الدين العام​. وامام هذا الوضع، يؤكد مصرفيون ان الهندسات المالية التي اجراها ​مصرف لبنان​ في السنوات الثلاثة الماضية لتأخير الازمة المالية قد تكون باتت غير مجدية في هذا الوقت، بدليل ان مصرف لبنان عمد في عملية استبدال سندات الدين الاخيرة مع المصارف الى دفع فوائد جد مرتفعة كي توافق المصارف على شراء اليوروبوند.

ويؤكد مصرفيون على ان فرص الانقاذ باتت، ومع الاسف، ضيّقة لا تحتمل المساومات وان اولى بوادر المواجهة العملية للازمة تبدأ من نقطة تشكيل الحكومة ومن ثم المبادرة باجراء الاصلاحات المالية والاقتصادية التي وعد بها لبنان ​المجتمع الدولي​ ليتمكن، وبسرعة، من الاستفادة من اموال "سيدر 1" التي من شأنها اعادة التوازن الى ​الاقتصاد اللبناني​ والحد من تدهور الوضع المالي.