برز مؤخراً خلاف حول استخدام شعار "إنترنت المال"، أثار جدلاً واسعاً وقادته وجهتي نظر؛ فقد تسمع من ناحية بعض المنخرطين في عالم العملة الرقمية "​بيتكوين​" - التي تعمل باستقلال عن البنك المركزي والتي يجري التداول فيها حاليا عند 427 $ - يقولون أن عبارة "إنترنت المال" المستخدمة على نطاق واسع تشير إلى تجمع "بيتكوين" والى التكنولوجيا التي تقوم عليها أو الـ"blockchain". ومن ناحية مقابلة يشير آخرون الى أن شركة "Uphold"، باشرت عملية التشغيل للـ"المصرف السحابي" (cloud bank) في الـ 2014، ويظهرون الامر على ان العبارة تعد شعاراً لشركتهم. وقد قدمت الشركة طلباً لتسجيل هذه العبارة كعلامة تجارية لخدماتها المالية في أيلول الـ 2015 الى مكتب البراءات والعلامات التجارية الأميركي، والعملية مستمرة الى الآن.

فيما لم يرق الامر لخبير الأمن السيبراني ومؤلف كتاب "إتقان بيتكوين" أندرياس أنطونوبولوس فأعلن حرباً على "Uphold" وحث 47 الف متابع له على "تويتر" للتغريد لمساعدته في العثور على أكبر الاستخدامات لعبارة "إنترنت المال. وصرح لموقع "ياهو" أن اعتماد "Uphold" للشعار " يفسد معنى العبارة ".

بينما تميل كفة القانون الى طرف "Uphold" في هذا الشأن، وليس هناك الكثير مما يستطيع أنطونوبولوس القيام به للحؤول دون حصول "Uphold" على التسجيل. علماً أنه بين جميع الناس، يعد أنطونوبولوس العدو الأكثر حدة لشركة "FINTECH".

ولفهم حيثيات هذه الضغينة، لابد أن نرجع خطوة الى الوراء قليلاً للنظر الى الطرفين والى أدوارهم في صناعة التكنولوجية المالية. فـ"Uphold" تعد "سرداب السحابة المالية" التي تمكنك من تحويل الأموال ما بين 25 عملة مختلفة أو ما بين المعادن الأربع الثمينة.  علماً أنه في بداية انطلاقتها عام 2014، كان على العملاء أن يضعوا ودائعهم في الـ"بيتكوين"، وكان اسم الشركة آنذاك "Bitreserve ". ثم تغير اسمها وأسست تعاملاتها بالـ "بيتكوين". ولازال بامكان عملاء "Uphold" إيداع الـ"بيتكوين" أو استبدال العملات الأخرى بهذه العملة الرقمية، دون الحاجة إلى التعامل بـ"بيتكوين" منذ البداية. وبات بالامكان الايداع بالدولار على سبيل المثال، وتحويلها إلى بيزو لإرسال الأموال إلى صديق في المكسيك، دون التعامل بـ"بيتكوين" على الاطلاق.

وتضم "Uphold" اليوم أكثر من 100 مليون $ من الودائع، وربما أكثر من 900 مليون $ في حجم المعاملات تم تبادلها على الموقع. وهي أيضا جزء من برنامج تجريبي مع "المركز العالمي للماس أنتويرب" الذي يشجع على جزء كبير من تجار الماس في العالم لاستخدام "Uphold" في تحويل الأموال.

وقد أعرب الرئيس التنفيذي لـ"Uphold" أنتوني واتسون، (الذي شغر المناصب التنفيذية في "سيتي" وويلز فارغو "WFC" وبنك باركليز و"نايكي") عن شكوكه حول الـ"بيتكوين"، وهو الأمر الذي لم حل دون جعله أحد عاقدي الآمال الكبيرة على هذه العملة. وقد صرح "سأكون مندهشا إذا بقيت "بيتكوين" بعد 5 سنوات"، معتبراً "انها وسيلة لتحقيق غاية. فقيمة "بيتكوين" ليست كونها عملة، ولكن في كونها تكنولوجيا. وأعتقد بمجرد أن يصبح العالم أكثر اعتيادا وانسجاما مع منصة "بيتكوين"، فإن الضجيج المثار سيختفي، وستختفي العملة كذلك".

وهنا تتضح انعكاسات الخلاف بين أنطونوبولوس و"Uphold" على السوق المالي الأكبر:  فـ"Uphold" هي واحدة من العديد من شركات "FINTECH"، إلى جانب "Dwolla"، "TransferWise" و"Venmo"، على سبيل المثال لا الحصر، والتي لديها طرح مماثل للتقييم: تقليص أوقات التحويلات وتقليص رسوم التحويلات. والتي كانت نقطة محفزة للتداول في "بيتكوين"، ولكن باتت الأخيرة معرضة لخطر الانهيار بسبب مشاكل في بنيتها التحتية. وحالياً، وقع 45 من البنوك العالمية الكبرى على كونسورتيوم لاختبار شكل من أشكال الـ"blockchain"، وهي التكنولوجيا التي تعمل عليها "بيتكوين"، الا أنها نسخة مغلقة من الـ"blockchain" دون "بيتكوين".

هذا وكان أنطونوبولوس سأل متتبعيه على "تويتر" للعثور على أقرب الاستخدامات من العبارات المتعلقة بـ"انترنت المال"، وتلقى الكثير من الردود. يقول فيها الناس أن العبارة استخدمت للإشارة إلى "بيتكوين" منذ عام 2010. فيما يرد محامي العلامات التجارية والمساهم في شركة "Leason Ellis"، مارتن شويمر، أن "ذلك لا يهم". فمثلاً "الفن المسبق" هو مفهوم مسجل مرات عدة كبراءة اختراع.  والاستخدامات المبكرة للعبارة (لا كعلامة تجارية) لا تؤثر على تسجيلها كعلامة تجارية. فيما يعتبر أنطونوبولوس أن العبارة هي ملك للجمهور وليست ملكاً لأحد.

ولنعتبر أن الجمهور وافق آراء أنطونوبولوس، واعترضوا على استخدام شعار "إنترنت من المال" من قبل "Uphold". اذ ذاك لن يكون للأمر أثر أيضاً وفق المحامي إد تيمبرليك، ويعود ذلك في هذه الحالة الى أن "الجمهور"، كما يعرفه أنطونوبولوس (أي العدد القليل من الافراد في مجتمع "بيتكوين") هو ليس سوى جزء بسيط من المجموعة التي قد يعرفها مكتب تسجيل العلامات التجارية في الولايات المتحدة أنهم المستهلكون ذوو الشأن.

عند هذا المفترق، السؤال الرئيسي الذي يطرح كما يصيغه تيمبرليك هو: عندما يفكر الجمهور في العبارة في سياق قطاع التكنولوجيا المالية، هل يربطون الناس العبارة مع "Uphold"؟

في الخلاصة يبدو أن "Uphold" تبحث عن حلول، لكن أندرياس أنطونوبولوس يحاول جعل الأمر أكثر صعوبة. وفي الوقت الراهن، يمكن لـ"Uphold" الاستمرار في استخدام العبارة متى شاؤوا وكذلك الامر متاح لسواهم.