يعود ​قانون الإيجارات​ الجديد الى الواجهة مجدداً ليهدد هذه المرة في اشعال الشارع، سيما وان المواقف الداعيةالى اللقاءفيه واللجوء الى التصعيد بدأت تتوالى من قبل اكثر من جهة مع الاحكام المتناقضة للقضاء الذي ترك له امر البت بصلاحية تنفيذ القانون.

معظم المراجع القضائية يقرّ ان هذا القانون هو ناقص والمواد المبطلة فيه من المجلس الدستوري تعتبر اساسية لتنفيذه . الا ان ابطاله بالكامل يحتاج الى قانون آخر.

هي حزورة القانون غير المفهوم . والسؤال المطروح كيف ان آلية تنفيذه بحاجة الى تعديل واقرار المواد الاساسية المبطلة خصوصا ما يتعلق منها بلجان التخمين والصندوق فيما ان البعض الآخر يصرّ على تطبيقه ؟

النائب وليد سكرية

النائب وليد سكرية الذي هو في طليعة الرافضين للقانون الجديد قال " للاقتصاد " ان لجنة الادارة والعدل انجزت التعديلات اللازمة على المواد التي ابطلها المجلس الدستوري وقد ارسلت الى الهيئة العامة للمجلس التي هي معطلّة اليوم كما سائر مرافق الدولة.

واستغرب النائب سكرية موقف بعض القضاة الذين يقولون بنفاذه باعتبار انه لم يصدر قانون آخر يلغيه فيما ان البعض الآخر يعتبره منقوصاً.

واضاف : في الواقع ان المجلس الدستوري لم يتطرق الى المواد المطعون بها والتي هي محور نقاش طويل فيما بعض القضاة يقرّ ان التعديلات شملت مواداً واسعة ولا يجوز تطبيق القانون بدونها.

واذا كان يتم اليوم اللجوء الى القضاء للبت بالنزاعات القائمة بين المالكين والمستأجرين ، وبغياب الدولة القادرة على اقرار العدل يعتبر النائب سكرية انه لابد من الاحتكام الى الشارع للضغط ولتصحيح الخلل ورفع الغبن عن المستأجرين.

الجدير ذكره هنا ،ان هيئة التشريع قد لفتت الىأنه لا يمكن تطبيق قانون الإيجار الجديد، خصوصاً بعد اجتماع رئيس مجلس القضاء الأعلى مع القضاة المعنيين، لاسيما بعدما ظهرت التباينات العميقة بين القضاة حول كيفية تعاطيهم مع قضايا الإيجارات القديمة. القانون الجديد قسّم المستأجرين عبر استثناء القانون للدولة التي تستأجر معظم مقراتها الآن، ومستأجري المحالّ التجارية، ليُسّلط السيف فوق رأس مستأجري الأماكن السكنية وهم بغالبيتهم من العائلات الفقيرة .والآراء المتناقضة للقضاة، ورأي هيئة التشريع والاستشارات، وتقديم اقتراح تعديل للقانون من قبل نواب كتل التغيير والإصلاح وجبهة النضال والكتائب والوفاء للمقاومة وعدد من النواب اكد ت على عدم توصّل القانون الى تحقيق العدالة الاجتماعية.

اين هو القضاء من هذه التناقضات؟

رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد كان اوضح في معرض احاديثه الية عمل القضاة في مثل هذه الحالات، واشارالى أن ابطال المجلس الدستوري لبعض مواد من القانون من دون ابطال القانون كله اوجد تباينات بين الأحكام القضائية بسبب اختلاف آراء القضاة.

فالقضاء لا يعترف بالفراغ التشريعي.. ويلفت القاضي فهد الى انه بعيدا عن كل الإرباك القانوني الحاصل حول نفاذ هذا القانون وإمكانية تطبيقه، فإن القاضي مجبر على بت أي نزاع أمامه، حتى لو لم تكن له قاعدة قانونية واضحة.

ومن المعلوم ان مجلس القضاء الاعلى دعا قضاة الايجارات للاجتماع والبحث في مسألة امكانية تطبيق القانون الجديد . والنقاش تناول عددا من النقاط ومنها ما يتعلقبقرار المجلس الدستوري الذي أبطل بقراره الرقم 6/2012 المواد 7 و13 والفقرة ب-4 من المادة 18 من قانون الإيجارات المطعون فيه، ورد طلب الطعن ببقية المواد.

وبالتالي طرح مسألة الترابط بين المواد المبطلة وبقية المواد في القانون.

كما ان المجلس الدستوري لم يحسم هذا الترابط. وما من جهة يحق لهاالقيام بذلك في ضوء صمت المجلس الدستوري.والمتعارف عليه ان ثمة اجتهادا فرنسيا يفيد بأنه عندما لا يذكر المجلس الدستوري وجود ترابط بين المواد المبطلة وبقية المواد في القانون المطعون فيه فإن ذلك يعني أن هناك ارتباطا بين المواد.

وفي المعلومات المتوافرة أنه، وفي غياب قاعدة قانونية واضحة، يحق للقاضي ان يحكم على قاعدة الإنصاف والعدل، وقداعرب بعض القضاة عن رغبتهم في تطبيق قانون الإيجارات القديم لأنه يحقق الإنصاف، فيما قد يجد قضاة آخرون أن الإنصاف يقضي باعتبار ان القانون نافذ.

ومؤخراً صدر حكم قضائيعن القاضي المنفرد المدني الناظر بدعاوى الإيجارات في بيروت فاطمة جوني، بردّ دعوى تقدّم بها المدعي لمطالبة المدعى عليه بتعديل بدلات الإيجار وفق القانون الجديد، وورد في الحكم عن "عدم سريان الانذارات المرسلة الى المستأجرين بدفع بدلات الايجار وعدم مفاعيلها المسقطة للايجارة وذلك لتوفر عناصر النزاع الجدي"، وبأنّ جوني "برّرت للمستأجر حقّه بعدم دفع البدلات لتباين الآراء القانونيّة والقضائيّة في فهم القانون وتفسيره وفي الضياع المتعلق بقابلية القانون للتطبيق وبنفاذه، والذي يخلق الشك في ذهن المواطنين عن توجب دفع الزيادات على بدلات الايجار ويبرر عدم دفعه لها، ولا تعطي تالياً الانذارات مفاعيلها المسقطة.

وفي هذا السياق ، ظهر تعميم أصدره وزير المال علي حسن خليل في 13 حزيران 2015 الى الوحدات المالية المعنية في الوزارة يطلب فيها عدم زيادة القيمة التأجيرية لبدلات الايجار المعقودة في ظل قانون الايجارات الجديد رقم 160/92 لحين صدور القانون التعديلي لقانون الايجارات تاريخ 8/5/2014، مستنداً بذلك الى رأي مجلس شورى الدولة في هذا الخصوص. وجاء في رأي مجلس الشورى المرسل الى وزارة المال بطلب منها إبداء الرأي في مشروع قرار الزيادة على بدلات الايجارات المعقودة قبل 23/07/1992: "بما أن سلامة التشريع تفترض عدم صدور اي نظام بصورة إستباقيّة لصدور القانون وفي الحالة الحاضرة قانون الايجارات، وأن هذا الاخير موضوع تعديل أمام اللجنة النيابية المشاركة وقد تم اقرار بعض هذه التعديلات، فضلاً على انه لا يجوز قانوناً ربط مدة العمل بأي قرار اداري لحين صدور تشريع معيّن كما جاء في مشروع القرار المقترح، بخاصة في ظل غياب اي نص قانوني يعطي الوزير هكذا صلاحية". ورأى المجلس ضرورة التريث في اصدار مشروع القرار.

باختصار انه الارباك الذي يبقى سيّد الموقف في تطبيق قانون الايجارات. والمحاكم القضائية التي وضعت الكرة في ملعبها منهمكة في البت بالدعاوى المرفوعة اليها فيما ان كل المعطيات تشير الى ان الايام المقبلة ستشهد تحركات مكثفّة قد تنعكس على مسار القانون الجديد، سيما وان طعن النواب بالقانون يتجاوز المواد التي تم تعديلها من قبل لجنة الادارة والعدل بعد رفضها من المجلس الدستوري ليشمل القانون برمته.